كلمات في الوعظ
(4)
بين معاملة الخلق ومعاملة الخالق
الحمد لله حمدا يليق بكماله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فلا شك أن معاملة الخلق من ضروريات الحياة؛ إلا أنه لا ينبغي الانشغال بها عن معاملة الخالق -سبحانه-، لاسيما إذا وازن العاقل بين المعاملتين.
فأما معاملة الخلق؛ ففيها ضرر ونفع، وكثيرا ما يكون الضرر أغلب: من الغيبة، والنميمة، والكذب، والخيانة، والحقد، والحسد، والظلم، والجهل، والرياء، والكبر، ونحو ذلك؛ بل كثيرا ما يكون النفع قائما على المصالح والمطامع، من غير إخلاص ولا احتساب، والدنيا -بما فيها ومن فيها- زائلة لا تبقى، لا تستحق رغبة ولا رجاء.
وأما معاملة الخالق -جل شأنه-؛ فلا ضرر فيها -بوجه-، وما يحصل من المصائب: تكفير للسيئات ورفعة للدرجات، وأما النفع؛ فمضمون باقٍ ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا﴾، وأي ربح أعظم من الجنة؟! نعيم مقيم لا يبلَى، وطعام وشراب لا يفنى، وزوجة حسناء لا تموت، وافتراش للدُّرِّ والياقوت؛ وفوق ذلك: مجالسة الأنبياء والصالحين؛ وفوق ذلك: رؤية رب العالمين.
فيا أيها المَأْفُون، كيف تبيع المعالي بالدُّون؟! كيف تعدل عن صراط الجنان، وتسلك طريق النيران؟! كيف تشتري الحياة الدنيا بالآخرة، وتَشْرِي ثواب الرب بزينة عابرة؟!
اللهم اهدنا سبيل الرشاد، وجنِّبنا سبل الفساد.
كتبه
أبو حازم القاهري السلفي
الجمعة 3/جمادى الأولى/1434
لتحميل المقالة منسقة وبصيغة بي دي إف، اضغط هنا |