الدرس العشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الحادي والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الثاني والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الثالث والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الرابع والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الخامس والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس السادس والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس السابع والعشرون، وهو الأخير - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو حرمة أكل المال بالباطل - خطب عامة الحياء 1446 - خطب عامة
إبحث في الموقع
البحث في
عدد الزوار
انت الزائر :565574
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0الزوار :
تفاصيل المتواجدون

الرد على من أنكر البيعة لحكام المسلمين

المقال
الرد على من أنكر البيعة لحكام المسلمين
843 زائر
28-01-2024 10:13
أبو حازم القاهري السلفي

الرد على من أنكر البيعة

لحكام المسلمين

لتحميل المقالة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا

الحمد لله البر الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله العزيز العليم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الكريم؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله، أحسن صلاة، وأتم تسليم.

فقد وقع خوض بأَخَرَةٍ في مسألة البيعة لحكام المسلمين في هذا العصر، وظهر من ينكر هذه البيعة، بدعوى أن الحكام يحكمون بالديمقراطية، أو بغير ما أنزل الله، فمبايعتهم فيها إقرار لهذه الأشياء، وأما السمع والطاعة؛ فهما ثابتان، من باب رعاية المصالح والمفاسد -فحسب-.

والجواب عن هذا الكلام:

أن المقصود بالبيعة: الإقرار بولاية الحاكم وشرعيته، لا بالطريقة التي يحكم بها، وقد كان السلف يبايعون خلفاء بني العباس، مع أنهم وثبوا على الخلافة، وأخذوها بالسيف، فهل كانت تلك المبايعة إقرارا لطريقة الحكم التي تولى بها العباسيون؟!

والمبايعة -بصورتها المعهودة- إنما تكون من أهل الحَلِّ والعقد، وبيعتهم مُلْزِمة لمن سواهم من العامة، فالمقصود من المبايعة في حق العوام: الإقرار بولاية الحاكم، والاعتراف بإمارته، كما قال السلف: «لا يحل لأحد أن يبيت ولا يرى أن عليه إماما».

وفي الصحيح: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ؛ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ؛ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، ففرَّق بين عدم الطاعة، وبين الالتزام بالبيعة؛ دلالةً على أن أحدهما لا يغني عن الآخر، فلا يصح أن نقول -كما يقول المخالف-: أنا أسمع وأطيع؛ ولكن لا أبايع!! بل لا بد من الجمع بين الأمرين.

وعلى هذا؛ فإن المخالف يُسأل: هل تعترف بشرعية إمامك، أم لا؟

فإن قال: أعترف؛ قلنا: هذا هو المطلوب، وهو المراد بالبيعة في حقك، فلا يصح أن تقول: أنا أُقِرُّ بشرعية إمامي؛ لكن لا أبايعه!! لأننا لا نريد منك مبايعة كمبايعة أهل الحل والعقد، وإنما نريد منك الإقرار بشرعية الحاكم، بغض النظر عن الطريقة التي تولى بها الحكم، كما هو معلوم من اعتقاد أهل السنة في هذه المسألة.

وأئمة السلف لم يكونوا يبايعون أمرائهم كبيعة أهل الحل والعقد، بل كانت بيعتهم بمعنى الإقرار بشرعية الأمير، وإن كان قد تولى الحكم بطريقة غير شرعية، كما تولى بنو العباس بالسيف.

فكذلك نقول: من تولى من حكامنا بطريق الديمقراطية؛ فإننا نعتدُّ بإمارته، بمعنى أنه قد وُلِّيَ علينا أمير، وصار له حكم وسلطان مستقر، وبناء على هذا الإقرار تأتي قضية السمع والطاعة، فهي فرع عن الاعتراف بشرعية الإمام، وأما طريقة التولِّي (الديمقراطية)؛ فلا يلزم إقرارها، وإنما نعتدُّ بنفس الحكم والسلطان، دون السبب الذي أدى إليه، كما كان أئمة السلف يقرون بولاية الخلفاء، ولم يلزم من ذلك إقرارهم لطريقة التولِّي (الخروج بالسيف).

وكذلك القول في حكام الجَوْر، كان الأئمة يعترفون بإمارتهم، ويسمعون لهم ويطيعون، ولم يلزم من ذلك إقرار الجور.

فتبين بذلك أنه لا تلازم بين الاعتراف بشرعية الإمام، وبين الطريقة التي وصل بها إلى الحكم، أو التي يحكم بها، إن كان يحكم بغير ما أنزل الله.

فتبين بذلك أن قول المخالف -في أقل أحواله-: تناقض فاحش، وعدم إدراك لصورة البيعة التي تلزم عوام المسلمين.

وأما لو قال المخالف: لا أعترف بشرعية الإمام؛ فهذا هو قول خوارج العصر، الذين لا يرون للحكام إمارة -أصلا-، ويعتبرون أن الزمان قد شَغَرَ عن إمام للمسلمين؛ فإنك لو سألتهم عن قولهم هذا: ما سببه؟ لقالوا: الحاكم تولى بطريقة غير مشروعة، أو يحكم بغير ما أنزل الله، فلا شرعية له -إذن-!!

فإن كان هذا هو مأخذ المخالف؛ فقد وافق الخوارج في قولهم ومأخذهم، وهذا أمر خطير لو صدر من شخص من أهل السنة؛ فإنه يصير بذلك مبتدعا ضالا، نسأل الله السلامة، والثبات على الحق.

وأما قضية غياب الخليفة الأعظم للمسلمين، وتعدُّد أمصارهم، واستقلال كل دولة بحاكمها؛ فهي قضية مفروغ منها -ولله الحمد-: أن حاكم البلد يثبت له من الأحكام ما يثبت للخليفة الأعظم، من البيعة والسمع والطاعة؛ والقول الذي بلغني عن المخالف لم يستند إلى هذه القضية، بل إلى مسألة الديمقراطية، والحكم بغير ما أنزل الله.

ولا يقولَنَّ أحد: إن القول بعدم البيعة قد قاله من الكبار فلان وفلان! فهذه طريقة المفلسين، وفَزَّاعة الفاشلين، والعلماء يُحتج لهم، لا بهم، ونحن نكلِّمكم بحجج وبراهين، فائتوا بأمثالها -إن كنتم صائبين-، وقارعوا البرهان بالبرهان، لا بقول فلان وعَلَّان.

نسأل الله الهداية، والثبات على الحق، ومجانبة الهوى والعصبية.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه

أبو حازم القاهري السلفي

الجمعة 14/رجب/1445

   طباعة 
0 صوت