تنبيهات وتوجيهات عاجلة
بشأن فض اعتصامات «الإخوان»
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
فقد استيقظنا صباح اليوم على الأنباء الواردة بفضِّ قوات الأمن لاعتصامات «الإخوان» وأشياعهم، وما جرى في خلال ذلك -ولا يزال- من الفتن والفساد في الأرض؛ نسأل الله السلامة من كل مكروه وسوء.
وهذه تنبيهات عاجلة بشأن هذا الأمر الجَلَل، تمثِّل تذكيرا ببعض ما سبق تفصيله في المقالات والفتاوى المتعلقة بهذه النازلة، مما يجب على المسلم استحضاره في هذا الوقت -خاصة-.
* أولا: لقد تكلمنا -في بحث قتال الخارجين عن الطاعة والمفارقين للجماعة- على الفرق بين الخوارج والبغاة، وذكرنا أن الخوارج يقاتَلون -ابتداء-، وأن البغاة لا يقاتَلون إلا بعد استصلاحهم والإياس منهم، وأن المتظاهرين ضد ولاة الأمور -الآن- قد جمعوا الطائفتين.
ولا بد أن يؤخذ بالاعتبار ما وقع في الفترة الماضية من المساعي المتكررة للإصلاح وحقن الدماء، مما قوبل بالرفض والتعنُّت من «الإخوان» وأشياعهم، مع أنهم لم يكتفوا بسلميَّتهم المدَّعاة؛ بل شرعوا في قطع الطرق، والاعتداء على الناس ومصالحهم؛ فعلى تقدير كونهم جميعا بغاةً؛ فقد تم استيفاء شرط قتالهم -بلا إشكال-.
* ثانيا: يجب التمسك بالأحكام الشرعية المقررة في قتال البغاة، وأهمها: عدم البَدَار بقتلهم؛ فإن المقاتلة لا تستلزم القتل -كما هو معلوم-؛ بل يُجعل القتل آخرَ الأمور، وفي إطار الدفع عن النفس فقط.
* ثالثا: تطبيق هذه الأحكام عمليا إنما هو مسئولية ولاة الأمور ورجال الأمن؛ فإن أَدَّوْا ما عليهم، وبذلوا وسعهم في العمل بها؛ فلا تثريب عليهم، وإن أعرضوا عنها، وفرطوا في العمل بها؛ فأمرهم إلى الله، وهم محاسَبون على صنيعهم.
* رابعا: على تقدير وقوع التفريط والتجاوز من ولاة الأمور؛ فلا يجوز قتالهم ولا الخروج عليهم؛ لما تقرر في أصول الدين والسنة من الصبر على جور الحكام، وقد تعرضنا -من قبل- لقضية جهادهم المزعوم، وبيَّنا بطلانها -ولله الحمد-.
* خامسا: لا يجوز اشتراك العامة في قتال البغاة وأضرابهم؛ فإنه من مسئولية ولاة الأمر؛ بل يجب اعتزال الأمر -جملة-، والقعود في البيوت، والصبر على ما يقوم به المجرمون من التخريب والإفساد في الأرض، وإيكال أمرهم إلى السلطات والجهات الأمنية.
* سادسا: لا ينبغي الاغترار والتأثر بما تذيعه وسائل الإعلام، لاسيما ما يتعلق بأعداد القتلى وصفة الأحداث العنيفة، مما يثير العاطفة، ويهيِّج النفس، ويحض على زيادة الفوضى والشر؛ وأحذِّر -على وجه الخصوص- من قناة «الجزيرة» الخسيرة، التي ظهر كذبها وتوجُّهها السياسي الخبيث منذ أحداث الخامس والعشرين من يناير وحتى الآن.
* سابعا: لا وجه -مطلقا- للتسرع في حلق اللِّحى؛ بل يجب الصبر والتريُّث حتى تتحقق مسوغات ذلك، وقد أوضحتُها في فتوى مستقلة.
* ثامنا: يقول الله -تعالى-: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾؛ فلْنكثر من التضرع والدعاء والاستغفار، لاسيما دعاء الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم»، مع لزوم جادة السنة في الفتن: من الاعتزال، والصبر، ولزوم البيوت.
هذا هو ما حضر ذكره الساعةَ من التنبيهات والتوجيهات، ولكل حادثة حديث.
نسأل الله أن يكشف الكربة، ويرفع الفتنة، وينتقم من المفسدين، ويسلِّم الأبرياء الطيبين، ويحفظ دينه ودعوته وعباده الصالحين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو حازم القاهري السلفي
الأربعاء 7 /شوال/1434
لتحميل المقالة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا
|