البيان الرفيع
لدين الرافضة الشنيع
(الخطبة العاشرة)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1].
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71].
أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله -تعالى-، وخير الهُدى هدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذا أوان الكلام على مفصّل اعتقاد الرافضة، بعدما تكلمنا على مراجعهم وأصولهم، وتبيّن لنا أن دينهم -في الحقيقة- لا يقوم على ما يقوم عليه دين المسلمين -من الكتاب والسنة والإجماع والقياس-؛ بل يقوم على أقوال شيوخ ضلالتهم وأئمة كفرهم، التي ينسبونها -كذبًا وزورًا- إلى أئمة أهل البيت، ممن يدّعون فيهم -كذبًا وزورًا- العصمة والسلامة عن الخطأ؛ فدينهم إذن قول لا يُعلم ثبوته، عن شخص لا تتُعلم عصمته؛ وشيء هذه صفته حريٌّ بأن يكون في زُبالة المذاهب وحثالات الاعتقادات؛ نسأل الله السلامة والعافية من كل مكروه وسوء.
وسنرتب الكلام على اعتقادات الرافضة بترتيب أركان الإيمان، التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث جبريل المعروف: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره»، فسنتعرّف على مواقف الرافضة من هذه الأركان العظيمة، وما كان من مسائل زائدة؛ فإننا نتكلم عليها في حينها - إن شاء الله-.
أول ركن من أركان الإيمان: الإيمان بالله -عز وجل-، والإيمان بالله تعالى -عند أهل الإسلام- هو توحيده -جل في علاه- في ربوبيته، وفي ألوهيته، وفي أسمائه وصفاته؛ هذه هي أقسام التوحيد الثلاثة، التي لا يتمّ إلا بها، ولا يتحقق إلا باستيفائها، فمن انخرم عنده شيء من هذه الأقسام؛ فقد وقع في الشرك -عياذًا بالله تعالى-.
فأول ذلك: توحيد الربوبية، الذي هو توحيد الأفعال، فالله - سبحانه وتعالى- له أفعال لا يقوم بها سواه، ولا يقدر عليها غيره: من الخلق، والرزق، والملك، والتدبير، والإحياء، والإماتة، والضر، والنفع، وغير ذلك من الأفعال، التي يختص بها الله سبحانه؛ فلا بد من إفراده بها، ولا يجوز أن ينسب شيء منها إلى غيره البتة، فلا يخلق إلا الله، ولا يرزق إلا الله، ولا يدبر الأمر إلا الله، ولا يحيي ولا يميت إلا الله، ولا يضرّ ولا ينفع إلا الله؛ لا بد من هذا كله حتى يتحقق توحيد الربوبية، فمن نسب شيئًا من هذه الأفعال إلى غير الله - عز وجل-؛ فقد أشرك بالله في ربوبيته، وخرج عن دائرة الحنيفية والتوحيد.
وقد تكلمنا عن هذا تفصيلاً منذ زمن طويل -والحمد لله رب العالمين-، والخطب موجودة لمن أرادها، ونحن هنا نذكّر بهذا التذكير العام؛ كتمهيد لعرض موقف الرافضة من توحيد الربوبية.
وقبل أن نعرض هذا الموقف: نذكر بالمعتقدات السبئية -التي هي أصل المعتقدات الرافضية-، فالسبئية - كما أوضحنا في حينه- كانت تعتقد الغلو في علي -رضي الله عنه-، وتنسب إليه صفات الربوبية، وتقول إنه هو الله - تعالى الله عن ذلك-؛ هكذا كانت تقول السبئية -التي هي سلف الرافضية-، وقد استمرّ هذا المعتقد الخبيث عند الرافضة حتى الآن، فلا يزالون يغلون في علي، وفي أهل البيت من بعده، ولا يزالون ينسبون إليهم صفات الربوبية، وكتبهم طافحة بذلك؛ حتى تعلم الصلة بينهم وبين أسلافهم -وبئس الأسلاف-!
جاء في «مرآة الأنوار» عن علي: «أنا رب الأرض، الذي يسكِّن الأرض به»!!
عليٌّ نفسه - عند الرافضة- لا يتورّع عن قول هذا، لا يتورع عن قوله: إنه رب الأرض!! والله تعالى يقول:﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة]، ويقول: ﴿ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ [مريم: 65]، ويقول: ﴿ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ ﴾ [الشعراء: 26]، ويقول: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]؛ ثم تأتي الرافضة فتدّعي -تبعًا للسبئية- أن عليًا هو الله!!
وفي «مرآة الأنوار» - أيضًا- في تفسير قول الله تعالى : ﴿ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً ﴾ [الكهف: 87]، قالوا: «يرد إلى أمير المؤمنين، فيعذبه عذابًا نكرًا»!!
فأمير المؤمنين -عندهم- هو الرب، الذي تردّ الناس إليه، فيحاسبهم على أفعالهم، فينعّم من يشاء ويعذب من يشاء!! والله تعالى يقول: ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ المَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [السجدة: 11]، ويقول تعالى: ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ أَلاَ لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62]، وما أكثر ما تجد في القرآن: أن الله تعالى يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فمن أصاب من ذلك شيئًا، ثم ستره الله؛ فهو إلى الله: إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له»؛ فهل يُنسب شيء من ذلك إلى غير الله تعالى –عند من عقل الإسلام والتوحيد والحنيفية-؟!!
وذكر الكُليني في «كافيه» بابًا، فقال: «باب أن الأرض كلها للإمام»!! ومما جاء تحت هذا الباب: عن جعفر الصادق قال: «أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام، يضعها حيث يشاء، ويدفعها إلى من يشاء، جائز له ذلك من الله»!!
والله تعالى يقول: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾ [البقرة: 284] ، ويقول : ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ﴾ [المائدة: 120]، ويقول : ﴿ أَلاَ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ ﴾ [يونس: 66]، ويقول: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]، ويقول تعالى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة]، ويقول تعالى: ﴿ فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى ﴾ [النجم: 25]، ويقول تعالى: ﴿ لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه: «اللهم لك الحمد، أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن» الحديث؛ فهل يقال: إن غير الله تعالى له الدنيا والآخرة، يتصرف فيهما كيفما يشاء، ويعطيهما من يشاء، ويمنعهما من يشاء؟!!
ولعلّ شخصًا قد لبّس الشيطان عليه -بل نطق على لسانه، فهو ممسوس- يقول: إن في هذا الأثر: أن هذا الصنيع جائز للإمام من الله، فالله تعالى هو الذي يحيي ويميت، وهو الذي يضر وينفع، وهو الذي بيده ملك السموات والأرض؛ ولكنه أسند ذلك إلى الأئمة!!
فنقول: إن الله تعالى يقول: ﴿ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ ﴾ [سبأ: 22]، ويقول: ﴿ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾ [الكهف: 26]، ويقول: ﴿ وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ﴾ [الإسراء: 111].
فالله -سبحانه وتعالى- لا يفوض في ملكه أحدًا، ولا يستوزر أحدًا، ولا يعتمد على أحد؛ إذ إن هذه الأشياء منافية لكمال ملكه وقدرته ومشيئته، وإنما البشر هم الذين يحتاجون لهذا، هم الذين يحتاجون إلى وسائط بينهم وبين ممالكهم؛ حتى ينظّموا شؤونها، ويطلعوا على أحوالها، فهنالك الوزراء والنواب وغيرهم؛ هذا عند البشر، لا عند رب البشر، فليس بين الله تعالى وبين خلقه واسطة قط، لا في الربوبية ولا في الإلهية -كما سيأتي بيانه في الإلهية-.
فإياك أن تعتقد هذا -أيها المسلم-؛ فإن هذا الاعتقاد الخبيث - للأسف - قد وقع لكثير من المسلمين جهلًا، يظنون أن بينهم وبين الله تعالى وسائط، وهذا غلط عظيم؛ بل هو أصل شرك الأرض، أصل الشرك في الأرض -كما قال أهل العلم-: اعتقاد الواسطة بين الله تعالى وبين الخلق؛ لا شيء من ذلك أبدًا -لا في الربوبية ولا في الألوهية-، وإذا تحدثنا في الألوهية -خاصة-؛ فالواجب عليك أن تدعو الله -عز وجل- مباشرة، وتستغيث به مباشرة، وتستعيذ به مباشرة، وتسأل المدد منه مباشرة؛ لا يجوز لك أبدًا أن توجه شيئًا من حوائجك إلى غير الله حتى يرفعها إلى الله، هذا ليس موجودًا مع رب العزة - سبحانه وتعالى-، فمن كمال ملكه -جل وعلا- وقدرته ومشيئته وحياته وقيوميته: أنه لا يحتاج إلى شيء من هذا أبدًا.
فهكذا تعتقد الرافضة - إخوة الإسلام-: تعتقد أن الله تعالى فوّض أهل البيت في الملك: يضرون وينفعون، ويخفضون ويرفعون، ويصنعون من الأمور والشؤون ما يصنعون؛ هذا اعتقاد خبيث، وهو أصل الشرك الذي وقع في الأرض؛ فانتبه لهذا -أيها المسلم-، واستعذ بربك من الفتن.
نسأل الله -عز وجل- أن يقينا إياها ما ظهر منها وما بطن؛ أقول ما تسمعون، ويغفر الله لي ولكم.
* الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، هو الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
جاء في «بحار الأنوار» وغيره عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله -عليه السلام- [يعني: جعفرًا]، فأرعدت السماء وأبرقت، فقال أبو عبد الله -عليه السلام-: «أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق؛ فإنه من أمر صاحبكم»، قلت: «من صاحبنا؟»، قال: «أمير المؤمنين -عليه السلام-»!!
وهذا كان في معتقدات السبئية - كما عرفنا من قبل-، فكانت السبئية تعتقد أن عليًا لم يمت، وأنه راجع مرة أخرى إلى هذه الحياة الدنيا، وأنه قد رفع إلى السماء، فالرعد صوته، والبرق ضوءه؛ فها هي المعتقدات السبئية لا تزال موجودة في كتب الرافضة، والله تعالى يقول: ﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ . وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ ﴾ [الرعد: 12-13]، فهذا من أمر الله تعالى، لا من أمر أحد من الخلق.
وفي «بحار الأنوار» - أيضًا- في خرافة طويلة -لم أُرِدْ أن أطول المقام بذكرها، فيها من الغلو ما تقشعر له الأبدان، وتقف له الشعور-؛ جاء في هذه الخرافة: أن عليا قال: «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إني لأملك من ملكوت السماوات والأرض ما لو علمتم ببعضه؛ لما احتمله جَنانكم»!!
والله تعالى يقول : ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 83].
وفي «بحار الأنوار» أن عليًا أحيى موتى مقبرة الجبانة بأجمعهم، وضرب الحجر فخرجت منه مائة ناقة!!
أما إحياء الموتى؛ فالله تعالى يقول: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، ويقول تعالى: ﴿ هَوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ [غافر: 68]، ويقول تعالى: ﴿ اللًّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ ﴾ [الروم: 40]، ويقول تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ [يونس: 34]، ويقول تعالى: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَراًّ وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُوراً ﴾ [الفرقان: 3]؛ فليس غير الله يحيي أحدًا، وليس غير الله تعالى يميت أحدًا.
فإن قيل: قد أحيى المسيح - عليه السلام- الموتى.
قلنا: هو نبي، والله - تبارك وتعالى- يجري من الآيات لأنبيائه ما شاء، والقاعدة في معجزات الأنبياء، والفرق بينها وبين الكرامات - كما قال أهل العلم من جملة الفوارق-: أن جنس المعجزات ليس مقدورًا لغير الأنبياء؛ فإنك إذا تأملت في معجزات الأنبياء أو آياتهم -والأقرب: أن نعبر بلفظ «الآيات»، هذا هو الأولى والأحسن-؛ إذا تدبرت في آيات الأنبياء، وعرفت ما يشترك بينها من القدر؛ عرفت أنها لا يقدر عليها -بإقدار الله تبارك وتعالى- سواهم، فلم تقع لأحد سوى الأنبياء أبدًا، ولهذا كانت عظيمة؛ كمثل إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وأن تنقلب العصا إلى حية، وغير ذلك من آيات الأنبياء؛ فهذا لون كبير عظيم، لا يقع لغير الأنبياء أبدًا، فلو ادعاه أحد سواهم؛ لنادى على نفسه بالكذب والضلال، فكرامات الأولياء تكون أدنى من ذلك بكثير، لا يكون فيها شيء من هذه العظمة التي تقع في آيات الأنبياء.
وتأمل في هذا الكذب والزور الذي جاء في هذه الرواية في قولهم: إن عليًا ضرب الحجر، فخرجت منه مائة ناقة!!
فيا لله! يخرج صالح -عليه السلام- ناقة واحدة، ويخرج علي مئة ناقة؟!!
حقيقة قول الرافضة - إخوة الإسلام- كما سنعرف في عصمة الأئمة: أن الأئمة عندهم أنبياء! فباب النبوة عندهم لم يغلق -أصلا-، فكل ولي وكل إمام: هو -في حقيقته- نبي؛ بل فيه جزء من أجزاء الإلهية!! واستمع إلى هذا:
في «الكافي» للكُليني عن جعفر الصادق قال: «ثم مسحنا بيمينه [يعني الله تعالى]، فأفضى نوره فينا»!! إلى أن قال: «ولكن الله خلطنا بنفسه»!!
فأي شيء تريد بعد هذا؟! هل يتضح لك الأمر أكثر من هذا؟!
الأئمة -عندهم- فيهم جزء من الله، فيهم اختلاط بالله - تعالى الله عن هذا علوًا كبيرًا-، وهذا من جنس قول النصارى في المسيح؛ فإن النصارى هكذا تعتقد في المسيح؛ ولكن لم يفعلوا هذا إلا في شأن المسيح وحده، وأما الرافضة فيفعلونه ويقولونه في علي وغيره من أهل البيت!! فالله المستعان على هذا الكفر البواح، الذي تمجّه العقول والآذان، ولا يمكن أن يستجيب له رجل خالطت بشاشة التوحيد قلبه.
هذا هو موقف الرافضة من توحيد الربوبية، فهم فيه مشركون شركًا أكبر، لا شك ولا إشكال فيه.
وفي الختام: أنبِّه على أن موقفهم هذا فوق موقف مشركي العرب؛ فإن مشركي العرب ما كان شركهم في الربوبية؛ بل كان في الألوهية، فما كان أحد منهم قط يعتقد في غير الله تعالى أنه يخلق، أو يرزق، أو يحيي، أو يميت، أو يضر، أو ينفع؛ وهكذا ذكر الله - عز وجل- عنهم في القرآن : ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهَمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف: 87]، ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ ﴾ [الزخرف: 9]، ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ [يونس: 31]، ﴿ قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ [المؤمنون: 84-85]، ﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ [المؤمنون: 86-87]، ﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ [المؤمنون: 88-89].
فالمشركون الذين قاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والذين صدعت نصوص الكتاب والسنة بتكفيرهم: هكذا كان جوابهم، وفي المقابل: أناس يدعون أنهم يقولون «لا إله إلا الله، محمد رسول الله» وجوابهم كما سمعتم؛ فكان جوابهم أضل من مشركي العرب!!
فانتبه لهذا أيضًا؛ فإنه مما يزيد في بيان ضلالهم وكفرهم ومروقهم عن الإسلام.
أسأل الله أن يكفينا شرهم، وشر كل ذي شر، وأن يخرجنا من هذه الدنيا على السلامة والأمان من غير فتنة ولا تبديل ولا تحويل. إنه ولي ذلك ومولاه، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم؛ وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
لتحميل الخطبة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا
|