* يقول الأخ أحمد إيهاب:
سمعتُ العلامةَ الشيخَ حسنَ بنَ عبدِ الوهابِ البنا - سدد الله في القول والعمل - يقولُ قبل أيامٍ - في كلمةٍ له ألقاها على طلبة الشيخ الفاضل نزار بن هاشم العباس السوداني:
قال العلامة الألباني -رحمه الله تعالى-: «لا تقطعْ على مسلمٍ نصيحةً ، واحذرْ على نفسِك منْه».
فأرجو منكم بَسْطَ الكلامِ عن هذه الكلمةِ، وبيانِ ما فيها؛ حتى تعمَّ الفائدةُ منها؛ وجزاكم الله خيراً .
* قال أبو حازم -هداه الله رشدَه-:
هذه الكلمة من أحسن الكلام وأنفعه.
فقوله: «لا تقطع على مسلم نصيحة» فيه تعاهد الإخوان بالنصح، والدين النصيحة، ولا شك أن تكرار النصيحة يؤثر على الغافلين اللاهين من المسلمين، فلا يسأَمَنَّ الناصح، ولا يقطعنَّ رجاءه بالله؛ فإن القلوب بين أصبعين من أصابعه، يقلبها كيف يشاء، وإن العبد يعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها؛ وكم من غافل نفعه التعاهد بالنصح، فختم الله له بخير.
إلا أنه لا بد من ضبط ذلك بالشِّق الثاني من العبارة، وهو قوله: «واحذر على نفسك منه».
فلا بد للناصح أن يحذر من شأن المنصوح، فلا يتأثر به، وعليه أن يعلم أن المنصوح مخطئ، وأن دوره إنما يقتصر على إنقاذه وإصلاحه؛ فكيف يتأثر به، ويشاركه خطئه؟!
ومن أعظم ما يؤدي إلى التأثُّر المذكور: أن يُتخذ المنصوح خليلا ونديما؛ وهذا غلط عظيم؛ فإن النصيحة لا تستلزم الخُلَّة، ولا أضر على المسلم من خليل السوء، والخُلَّة -في نفسها- منافية لفقه الإنكار؛ فإن من أنكر منكرا؛ لم يجُزْ له أن يصاحب أهله، وهذا ظاهر.
فمن تصدَّى لنصح غافل؛ فليفعل ذلك بحكمة، وليحذر أن يميل قلبه إلى المنصوح، فينسبط إليه، ويتخذه خليلا؛ والموفَّق من وفَّقه الله.
ولا بد -ختاما- من التنبيه على شأن المبتدعة -في هذا المقام-، فلا يُفهم من العبارة المذكورة إطلاق القول بمناصحة المبتدعة، وقد فصَّلتُ هذه المسألة في مواطن عدة، وهي منشورة على الموقع -لمن رَامَها-. |