التعليق على كلام الشيخ محمد بن عمر بازمول في التطبيع مع اليهود - مقالات متنوعة الرد على الشيخ وليد السعيدان في كلامه عن التحزب ونصرة الجماعات. - مقالات متنوعة الإسلام دين السلام - خطب عامة أيها السلفي المهاجر - المقاطع الصوتية حوار مع الدكتور عبد الرزاق الشايجي (الحلقة الأولى) - حوار مع الدكتور عبد الرزاق الشايجي في كتابه «الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية» إنكار المنكرات العامة في بلاد المسلمين فرض كفاية - مقالات متنوعة مذكرة على العقيدة الواسطية - قسم الكتب والأبحاث العلمية المذكرة المنهجية للمبتدئين - قسم الكتب والأبحاث العلمية الجادة السلفية بين المميعة والحدادية - قسم الكتب والأبحاث العلمية حوار مع الدكتور عبد الرزاق الشايجي (الحلقة الثانية) - حوار مع الدكتور عبد الرزاق الشايجي في كتابه «الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية»
إبحث في الموقع
البحث في
عدد الزوار
انت الزائر :590539
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0الزوار :
تفاصيل المتواجدون

حوار مع الدكتور عبد الرزاق الشايجي (الحلقة الثانية)

المقال
حوار مع الدكتور عبد الرزاق الشايجي (الحلقة الثانية)
36 زائر
09-07-2025 12:25
أبو حازم محمد بن حسني القاهري

حوار

مع الدكتور عبد الرزاق الشايجي

في كتابه «الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية»

(الحلقة الثانية)

لتحميل المقالة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله، وسلم.

*قال الدكتور:

«أولًا: الأصل الأمُّ الجامع لكل أصولهم:

الأصل الأول: خوارج مع الدعاة، مرجئة مع الحكام، رافضة مع الجماعات، قدرية مع اليهود والنصارى والكفار.

هذه المجموعة التي اتخذت التجريح دينًا، وجمع مثالب الصالحين منهجًا، جمعوا شر ما عند الفرق.

فهم مع الدعاة إلى الله خوارج، يكفرونهم بالخطأ، ويخرجونهم من الإسلام بالمعصية، ويستحلون دمهم، ويوجبون قتلهم وقتالهم.

وأما مع الحكام فهم مرجئة، يكتفون منهم بإسلام اللسان، ولا يلزمونهم بالعمل، فالعمل عندهم بالنسبة للحاكم خارج عن مسمى الإيمان.

وأما مع الجماعات فقد انتهجوا معهم نهج الرافضة مع الصحابة وأهل السنة، فإن الرافضة جمعوا ما ظنوه أخطاء للصحابة الكرام، ورموهم جميعًا بها.

وهم مع الكفار من اليهود والنصارى قدرية جبرية، يرون أنه لا مفر من تسلطهم، ولا حيلة للمسلمين في دفعهم، وأن كل حركة وجهاد لدفع الكفار عن صدر أمة الإسلام فمصيره الإخفاق، ولذلك فلا جهاد حتى يخرج الإمام !!

فواعجبًا كيف جمع هؤلاء بدع هذه الفرق؟!! كيف استطاعوا أن يكيلوا لكل قضية بمكيالين، فالكيل الذي يكيلون به للحكام غير الكيل الذي يكيلون به لعلماء الإسلام!! فلا حول ولا قوة إلا بالله!!» اهـ([1]).

*قلت: هذه «الأصول» (!) الإجمالية قد فصَّلها الدكتور بعد ذلك، فالرد عليه -إن شاء الله- يكون في ذلك الحين.

وقوله: «جمعوا شر ما عند الفرق»: لولا أنه بيَّن مراده به؛ لقلنا: إنه يكفِّر مخالفيه -ولو من جهة النوع-؛ فإن الفرق عندها بدع مكفرة، وغير مكفرة، وشرها الأولى، فمن جمع «شر» ما عند الفرق؛ فقد جمع بدعها المكفرة، ولا يكون هذا إلا كافرا -ولو من جهة النوع-!!

وقوله: «هم مع الكفار من اليهود والنصارى قدرية جبرية»: خطأ؛ فإن القدرية والجبرية مذهبان متنافران، لا يجتمعان في محل واحد بجهة واحدة، واللائق بمخالفيه -على حسب فهمه- أن يكونوا جبرية، فإنه نسب إليهم أنهم يقولون: الاحتلال قدرنا، لا حيلة لنا في دفعه، ولا فائدة من مقاومته؛ وهذا مسلك الجبرية، لا القدرية! وستعلم -إن شاء الله- من الذين يتناولهم كلام الدكتور هذا.

*قال الدكتور:

«ثانيًا: أصولهم في التكفير والتبديع:

الأصل الثاني: كل من وقع في الكفر فهو كافر، وكل من وقع في البدعة فهو مبتدع.

هذا أصلهم الثاني: تكفير المسلم إذا وقع في مكفر -أو ما يظنونه مكفرًا-، دون نظر في أن يكون قال هذا الكفر أو وقع منه خطأ أو تأولًا أو جهلًا أو إكراهًا.

وكل مسلم وقع في بدعة -أو ما يتوهمونه بدعة- فهو مبتدع، دون اعتبار أن يكون قائل البدعة أو فاعلها متأولًا أو مجتهدًا أو جاهلًا.

وهم أحق الناس بوصف المبتدع؛ لاختراعهم هذا الأصل الذي هو من أصول أهل البدع، وليس من أصول أهل السنة والجماعة» اهـ([2]).

*قلت: هذا «الأصل» (!) مركب من جزئين:

الأول: كل من وقع في الكفر فهو كافر. وكان الدكتور قد قال قبل ذلك -مفرِّعًا عليه-: يكفرون الدعاة بالخطأ! ويخرجونهم من الإسلام بالمعصية! ويستحلون دمهم! ويوجبون قتلهم وقتالهم!

وفيه أمور:

1-هذا ادعاء غريب جدا، لا يكاد يُعرف عن خصوم الكاتب، وفي الوقت الذي كتب فيه كتابه هذا: كان النزاع مع أمثال عبد الرحمن بن عبد الخالق، وسفر الحوالي، وسلمان العودة، وعائض القرني، ولا أعلم أبدا أن أحدا كفرهم، واستحل دماءهم، وأوجب قتلهم.

ولعل الدكتور قصد طائفة كانت موجودة في الوقت الذي كتب فيه كتابه، وكانت تدخل في غمار «الجراحين»، وكان الواجب أن يوثِّق الدكتور دعواه، والله حسيبه.

أو لعله أراد بعض العبارات، التي توصف بها عقيدة الشخص، وما يدعو إليه، كقولنا: «فلان يدعو إلى وحدة الأديان»، فهذا مجرد بيان لما يدعو إليه -ما دام ثابتا عنه-، ولا يقتضي هذا تكفيره -عينًا-، وإنما هو ذكر للعقيدة الكفرية التي دعا إليها.

وغاية الأمر أن تكون قد صدرت بعض الألفاظ التي فيها تجاوز، فهذا يُنكر، ولا يُقبل؛ لكن لا يُنسب إلى قائلها أنه يكفِّر الأعيان -ما دام لا يقول بهذا-، فضلا عن استباحة الدماء.

2-كلام الدكتور عام في جميع المكفِّرات، ولو أخذنا نوعا منها -وهو شرك العبادة-؛ فعدم العذر بالجهل فيه معروف عن طائفة كثيرة من العلماء، وعلى رأسهم: الشيخ ابن باز -رحمه الله-([3])! وهؤلاء ليسوا من «الجراحين»، فعلى من يرد الدكتور -بالضبط-؟!

وخلاصة القول في مسألة العذر: أن العلماء لا يختلفون أنه لا عذر في المسائل الظاهرة، التي تكون الحجة فيها قائمة على كل أحد، إنما يختلفون في بعض المسائل: هل تقبل الخفاء أم لا، فعند بعض العلماء: أن توحيد العبادة من أظهر المسائل، لا يقبل الخفاء -بحال-، فلا عذر فيه؛ والحق: أنه يقبله([4]).

3-التعميم الذي ذكره الدكتور إنما هو قول بعض الجماعات التي يدافع عنها، كجماعة «الجهاد» -مثلا-، وهم لا يقتصرون على تكفير «الدعاة»، بل يكفرون الكُلَّ -حكاما، ومحكومين-، ويستبيحون الدماء، ويخربون بلاد الإسلام، وهذا لا يفعل عُشْرَهُ «الجراحون»!

وأذكِّر الدكتور بأن هذا التكفير مأخوذ من سيد قطب، الذي هو الأب الروحي لهذه الجماعات، وعن فكره نشأت شتى جماعات التكفير والعنف.

وحسبي في مقامي هذا أن أنقل شهادة الدكتور يوسف القرضاوي، وقوله مقبول، فإنه منكم.

قال: «في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد [كذا !] سيّد قطب، التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، والتي تنضح بتكفير المجتمع، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي، والسخرية بفكرة تجديد الفقه، وتطويره، وإحياء الاجتهاد، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع، وقطع العلاقة مع الآخرين، وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافَّة» اهـ([5]).

4-قد وُجد منكم -يا دكتور- من يكفِّر من وقع في الكفر بدون إعذار، بل من يكفِّر بالمعصية!

فهذا أحد كبرائكم عندنا في مصر، وهو: محمد بن عبد المقصود، أفتى بتكفير جميع العاملين في تمثيلية، وُضع فيها الصليب بجوار المصحف! وهي فتوى في غاية الشهرة عندنا.

وهذا صاحبك سلمان العودة، يقول في المغنِّي المجاهر بفسقه: «هذا لا يغفر الله له، إلا أن يتوب، لأن النبي ﷺ حكم بأنه لا يعافى: «كل أمتي معافى...»، لأنهم مرتدون بفعلهم هذا! هذه ردة عن الإسلام!» اهـ([6]).

وهذا سفر الحوالي، ذكر أحد الفنادق في (دُبَيْ)، وأنهم يقدمون فيه الخمور، قال: «فهذه دعوة صريحة إلى الخمر! ومملوءة الدعوة أيضا مرفق بذلك الصور التي تثبت أنهم -والعياذ بالله- رقص مختلط، وتعرِّي، مع شرب للخمر، نعوذ بالله من هذا الكفر! لأن استحلال ما حرم الله تعالى هو -بلا ريب- كفر صريح» اهـ([7]).

وهذا أبو إسحق الحويني يقول: «صار كثير من المفتين يستحسن البدع ، لما يرى في مُقابلها من الكفر الصريح، يعني رجل يذكر الله مثلا أو يعبده بطريقة مبتدعة ، يقولك : سيبه ! مش غيره سهران في شارع الهرم بيشرب خمرة ! صاروا يقارنون أهل البدع بأهل الكفر !!! فرأوا أن أهل البدع على خير عظيم» اهـ([8]).

فهؤلاء اعتبروا المجاهرة بالمعصية، والدعوة إليها: قرينة على استحلالها، وهذا خلاف معتقد أهل السنة، لا أصل له فيه -بحال-.

فالحقيقة أن الدكتور يرد على أصحابه، لا على «الجراحين»!

الجزء الثاني: كل من وقع في البدعة فهو مبتدع.

وفيه أمور:

1-هذا التعميم إنما يُعرف عن طائفة «الحدادية»، لا عن كل من يسميهم الدكتور «جراحين».

2-القول في التبديع كالقول في التكفير؛ لأن الباب كله يسمَّى «باب الأسماء والأحكام»، والقاعدة فيه واحدة: التفصيل بين المسائل الظاهرة والخفية، والظهور والخفاء أمر نسبي، يختلف باختلاف الحال والواقع([9]).

وحتى لا يخلو المقام من إيضاح: فشاهد ذلك في منهج السلف: مسألة الخروج على الحكام، كانت في أول أمرها خفية، فعذروا من خرج من الأولين، ثم لما ظهرت المسألة، وانتشر العلم بها، وقامت فيها الحجة -شرعا، وواقعا-؛ بدَّعوا من رأى الخروج، ولم يعذروه، ونصُّوا في كتب الاعتقاد على أن الخروج مذهب أهل البدع([10]).

فحقيقة النزاع -إذن-: هل من بدَّعناهم يستحقون ذلك، أم لا؟ وإذا كان الدكتور يعذر المكفِّرين؛ فليعذرنا -إن لم نكن أولى بالإعذار-!

إن قال: هم مجتهدون؛ فنحن مثلهم -إن لم نكن أولى بوصف الاجتهاد منهم-.

وإن قال: هم مستندون إلى قواعد شرعية؛ فكذلك نحن، ولا يخلو: إما أن نكون قد أصبنا في تنزيلها، أو أخطأنا، وعلى كلٍّ، فلسنا نختلف عنهم، ولم نبدِّع بالعموم -كما كفَّروا هم بالعموم-!

3-النزاع معهم -أو: معكم -يا دكتور- ليس في مسألة، ولا مسألتين، بل في منهج كامل، يأتي بيانه في ثنايا هذا الرد -إن شاء الله-.

وقد سبق بيان أصل من أصولكم، وهو: التكفير بالمعصية، ونقلنا من كلامكم ما يثبته عنكم، والدكتور -بنفسه- قد حكم على صاحب هذا الأصل بقوله: «وهم أحق الناس بوصف المبتدع؛ لاختراعهم هذا الأصل الذي هو من أصول أهل البدع، وليس من أصول أهل السنة والجماعة»!

4-لسنا نحن وحدنا الذين بدَّعناهم.

هذا الشيخ الألباني -رحمه الله- لمَّا عُرض عليه كتاب «ظاهرة الإرجاء» لسفر الحوالي، قال فيه: «خارجية عصرية!» ([11])، والألباني ليس من «الجراحين»!

ومشهور من قول غير واحد من العلماء المعاصرين: أنهم يرون الإعذار بالجهل في شرك العبادة «إرجاء» -ونحن لا نوافقهم على هذا- ([12])، والدكتور قرَّر في كلامه أنه لا بد من الإعذار، فهو -في حكم أولئك العلماء- «مرجئ»! وهم ليسوا من «الجراحين»!

5-أنتم الذين بدَّعتم بغير مبدِّع، فكتاب «ظاهرة الإرجاء» المذكور يقرِّر فيه مؤلفه أن عدم تكفير تارك الصلاة كسلا «إرجاء»!

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

كتبه

أبو حازم القاهري السلفي

الأربعاء 14/محرم/1447

([1]) «الخطوط العريضة» (ص9).

([2]) «الخطوط العريضة» (ص10).

([3]) يُنظر «سبل السلام شرح نواقض الإسلام» (ص243، وما بعدها).

([4]) فصَّلتُ ذلك في محاضرة بعنوان: «مهمات في مسألة العذر بالجهل»، هذا رابطها:

http://www.abohazm.com/cat/lectures/general/3ozrbyJahl.mp3

([5]) «أولويات الحركة الإسلامية» (ص 110).

([6]) شريط بعنوان: «جلسة على الرصيف».

([7]) «دروس الطحاوية» (2/272).

([8]) شريط «نداء الغرباء».

([9]) بيَّنتُ ذلك في كتابي: «الآيات البينات»، وهو مطبوع، وموجود على النت، وهذا رابطه، اضغط هنا.

([10]) فصَّلتُ ذلك في كتابي «النقض على ممدوح بن جابر»، وهو مطبوع، وسيُعاد طبعه قريبا -إن شاء الله- باسم: «شفاء السَّقام في تحقيق مسألة الخروج على الحكام».

([11]) شريط «السرورية خارجية عصرية».

([12]) بل تكلم بعضهم في معينين بسبب هذه المسألة، كمثل صاحب كتاب «الإلمام شرح نواقض الإسلام»، قالوا: هذا مرجئ! وكتابه فيه إرجاء! ويجب أن يُصادَر!

   طباعة 
0 صوت