إبحث في الموقع
البحث في
عدد الزوار
انت الزائر :540040
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0الزوار :
تفاصيل المتواجدون

التعليق على قول ياسر برهامي: إن ((حزب الوفد)) أفضل من ((المداخلة)) في مسألة الحاكمية !!!

المقال
التعليق على قول ياسر برهامي: إن ((حزب الوفد)) أفضل من ((المداخلة)) في مسألة الحاكمية !!!
7162 زائر
02/07/2012
أبو حازم القاهري السلفي

التعليق على قول ياسر برهامي

إن ((حزب الوفد)) أفضل من ((المداخلة))

في مسألة الحاكمية !!!

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين -كالمبتدعة والمشركين-، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

فقد استمعت إلى مقطع صوتي للحزبي العتيد ياسر برهامي[1]، يقول فيه -وبئس القيل-: ((النهار ده الأحزاب العِلمانية بتاعتنا بتقول: ((لأ، لا نقبل فصل الدين عن السياسة))، ((حزب الوفد)) بيقول كده تصريحا، ((حزب الوفد)) أحسن من ((المداخلة)) في الموضوع ده دلوقت، دول بيقولوا: ((القضية دي قضية فرعية))، و((حزب الوفد)) بيقول -عبر سلسلة مقالات-: ((تحكيم الشريعة قضية عقدية)) اهـ كلام البرهامي.

قال أبو حازم -عفا الله عنه-:

إن هذه الكلمات القلائل امتدادٌ لحياة القوم الجديدة، ومنهجهم الجديد -بعد تقحُّم الأوساط السياسية القذرة-، وإنها لتبيِّن مدى التغير والانتكاس الذي وقع لهم، وأنهم صاروا ((ساسَةً)) -بمعنى الكلمة-، فصاروا يكذبون، ويفترون، ويعقدون الولاء والبراء على المصالح السياسية ((الميكافيللية))، فلا يتورَّعون -في ذلك- عن موالاة أهل الباطل، ومعاداة أهل الحق، وهذا شأن من انسلخ من العلم والتدين، وفرط في جوهره -قبل أن يفرط في مظهره-!!

وإن هذه الكلمات لتظهر مدى بغض القوم لأهل السنة، وشدة عداوتهم لهم، وهذه من أعظم علامات أهل البدع -كما هو مقرر في كلام العلماء-، فالقوم يبصرون القَذَى في أعين أهل السنة، ولا يبصرون الجِذْع في أعينهم وأعين أَحَابِيشِهم!! ويستنكفون عن مجالسة أهل السنة ومكالمتهم، ويودُّون لو تحالفوا مع الشيطان لنيل أغراضهم[2]!! وليس ذلك -ولله الحمد- بضارِّ أهل السنة شيئا؛ فإن غِناهم عن الطائفة وصفٌ ذاتيٌّ فيهم -ما داموا على منهجهم، معتصمين بربهم-؛ نسأل الله أن يجعلنا كذلك.

وتسمية القوم لنا ((مداخلة)) من جملة تشنيعهم وتشغيبهم، الذي ورثوا فيه آباءهم من المبتدعة الأوائل، الذين سمَّوْا أهل السنة ((حشوية)) و((مجسمة)) وغير ذلك؛ وذلك أن القوم قصدوا إلى عَلَم من أعلام السنة المعاصرين -وهو: الشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-، فشوَّهوا صورته، ونسبوا إليه كل نقيصة، ونبذوا ثناء أئمة العصر عليه خلف ظهورهم، وما نقموا منه إلا جهادَه لـ((أسيادهم)) و((أقطابهم)) من أئمة الضلالة والغواية؛ ثم نسبوا أتباعه إليه، وقالوا فيهم ((مداخلة))؛ بُغْيَةَ التنفير عن الحق وأهله، والصدِّ عن سبيل الله؛ وهيهات!!

على أن انتسابنا إلى الشيخ -حفظه الله- ليس عيبا ولا نقصا، فلم يزل الأتباع ينتسبون إلى متبوعيهم -في الحق-، وأي عيب في الانتساب إلى مجاهد قدير، حمل لواء الذب عن السنة، والتنفير عن البدعة؟! وفرقٌ بين هذا، وبين التسمية التي يلوكها القوم لَوْكَ العِلْك[3] -كشأن رَبَّات الحِجَال[4]-!!!

وأما دعوى ((البرهامي)) علينا أننا نخالف في ربط السياسة بالدين، وأننا نعتبر تحكيم الشريعة قضية فرعية؛ فهي الكذب الأعظم والافتراء الأكبر، وإنما أُتي الرجل من سوء فهمه -وقد ينضم إليه سوء قصده !!!-، فظن أن أهل السنة -ممن سماهم ((مداخلة))- عندما يفصِّلون في شأن الحكم بغير ما أنزل الله؛ يكون الأمر -عندهم- هيِّنا!!! وحَسْبُك بهذا جهلا وحماقة!!! فإن لازمه: أن تفصيلَ أهل السنة في الحلف بغير الله تهوينٌ من شأنه!! وتفصيلَهم في المعصية -بين الاستحلال وغيره- تهوينٌ من شأنها!! إلى غير ذلك من اللوازم الباطلة، التي لا تلزم إلا مثل هذه الأقوال الجاهلة العاطلة!!

إن أهل السنة يؤمنون -والإيمان: قول وعمل- بقول الله -عز وجل-: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ}[5]، وقوله: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ}[6]، وقوله: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلهِ}[7]، وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[8]، وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[9]، وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[10]، وقوله: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[11]؛ فهم يعتبرون الحكم بما أنزل الله من آكد الفرائض وأعظم الواجبات وأوثق عُرَى الإيمان، ويعتبرون تركه من أعظم المحرمات وأشد الموبقات وأكبر شعب الكفر، ويدعون إلى ذلك بأقوالهم، ويطبقونه بأعمالهم -ما استطاعوا-، ويبيِّنون أن السعي لإقامته في البلاد والدول: واجب متحتم، وفرض متأكد؛ ولكن لابد من التوسل إلى ذلك بإصلاح النفوس، وتغيير ما في القلوب، وتحكيم الشريعة في معتقدات الأفراد وأعمالهم؛ لا بالخروج على الحكام، والإيفاض إلى نُصُب السياسة، والركوض في أوديتها -بما يناقض الشريعة نفسها-!! فأي تهوين في هذا -يا عباد الله-؟!! وأي تهميش في هذا -أيها العقلاء-؟!! ومعلوم أن ((البرهامي)) -نفسه- وحزبه كانوا يقولون بمثل قولنا هذا -في شأن التغيير والإصلاح والسياسة خاصة-؛ أفيشهدون على أنفسهم -إذن- بما يشهدون به علينا الآن؟!!!

إن مسألة الحاكمية لا تُقدر قدرَها -عند ((البرهامي)) وأشكاله- إلا باعتبار الحكم بغير ما أنزل الله كفرا أكبر -لاسيما في جانب التشريع العام-، ولو كان هذا موافقا للشرع؛ لقلنا به؛ ولكن الحق: القول بالتفصيل في التشريع العام -تبعا للتفصيل في أصل الحكم بغير ما أنزل الله-، وهذا هو المعروف من قول أئمة السنة المعاصرين، وتقريره وتأصيله له موطن آخر -إن شاء الله ووفَّق[12]-.

فإذا وقف أهل السنة عند هذا -متبعين للحجة الشرعية-؛ لم يجز أن يقال في شأنهم: ((تهوين من أمر الحكم بغير ما أنزل الله))، أو: ((دعوة إلى فصل الدين عن السياسة))؛ فإن القول في أمور الدين ووضعها في مراتبها: تبعٌ للدليل الشرعي -من غير غلو ولا تقصير-، وما شأن الرافضة في الإمامة عن اللبيب ببعيد!!!

واعلم أن ((البرهامي)) قد أصابته -في كلامه ذلك- نَفْثَةٌ بدعية أخرى، وذلك في شأن تقسيم المسائل الدينية إلى ((أصول)) و((فروع))؛ فإنه نسب إلى أهل السنة أنهم يعتبرون مسألة الحكم ((فرعية))، وهو يعلم تفصيلهم المذكور آنفا؛ فهل يعتبر أن ((مسائل الفروع)) هي التي لا يُكفَّر فيها -ابتداء-؛ بل يجري فيها التفصيل، وأن ((مسائل الأصول)) هي التي يُكفَّر فيها ابتداء -من غير تفصيل-؟!! ومعلوم أن هذا من أقوال المبتدعة[13]!!!

بقي أن يقال: إن الرجل لم يقتصر على الظلم فيما نسبه إلى أهل السنة؛ بل ظلم -أيضا- في تفضيل ((العِلمانيين)) عليهم -حتى من الوجه الذي أراده-!!!

وبيان ذلك: أنه نسب إلى ((العِلمانيين)) أنهم يعتبرون الحكم مسألة عقدية؛ فما حقيقة الحكم -عندهم-؟!!

الذي يعرفه الجميع: أنهم يعتقدون وحدة الأديان، والتسوية بين المسلمين والكفار[14]، ويبيحون المعاصي والفجور -مما يسمَّى بمثل ((الفن)) و((الإبداع)) و((حرية التعبير))-، إلى غير ذلك من الفواقر.

فأي الفريقين أفضل وأقوم -أيها العقلاء-؟!!

من اعتبر ((تحكيم الشريعة)) مسألة عقدية؛ ولكنه أدخل فيها ما ليس منها، ونقضها -من أصلها-!!!

أم من اعتبرها مسألة فرعية؛ ولكنه راعى حدودها، وصانها أن يدخل فيها ما يخالفها أو يبطلها؟!!

ولْيُكَفَّ البنان عند هذا؛ كراهةَ الخوض فيما (قد) لا ينبغي؛ ونسأل الله أن يثبتنا على الحق حتى نلقاه، وأن ينتقم ممن بدَّل وغيَّر، وابتدع وأَلْحَدَ، واعتدى وظلم؛ إنه قوي عزيز شديد العقاب.

وصلى الله وسلم على محمد وآله.


كتبه

أبو حازم القاهري السلفي

الاثنين/12/شعبان/1433



[1] وهو منشور على كثير من المواقع والمنتديات.

[2] وقد تجلَّى ذلك في عملهم السياسي الأخير؛ فلا تفزع!!

[3] شيء يُمضَغ كاللِّبان.

[4] أي: النساء.

[5] المائدة: 49.

[6] الشورى: 10.

[7] الأنعام: 57، يوسف: 40، 67.

[8] المائدة: 44.

[9] المائدة: 45.

[10] المائدة: 47.

[11] المائدة: 50.

[12] وذلك في الإصدار الخاص بهذه المسألة من سلسلة ((إعلان الجهاد على أهل البدع والفساد))، وسيصدر قريبا -إن شاء الله-: طليعتُها: جزء حديثي في تخريج حديث حذيفة -رضي الله عنه- في الفتن، والرد على من أنكر رواية: ((وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)).

[13] راجع ((مجموع الفتاوى)) (19/207 وما بعدها).

[14] وتاريخ ((حزب الوفد)) الذي ذكره ((البرهامي)): معروف، ومعلوم أن شعاره: الهلال مع الصليب!!!

لتحميل المقالة منسقة وبصيغة بي دي إف، انقر هنا

   طباعة 
0 صوت