مرحبا بشهر الخير والطاعات في أتون الفتن والموبقات !! أحمد الله الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وأكبره تكبيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله، خلق كل شيء، فقدره تقديرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وسلم تسليما كثيرا. فما هي إلا ساعات قلائل، ويحل علينا ضيف عزيز حبيب، محمَّلٌ بالخيرات والبركات والنفحات؛ فضلاً ونعمةً من رب الأرض والسموات. إنه شهر رمضان المكرَّم، شهر الصيام والقيام، شهر القرآن والإحسان، فيه ليلة واحدة، هي خير من ألف شهر؛ فأَنْعِمْ به وأَكْرمْ من شهر عظيم، وموسم للخير والطاعة كريم. غير أننا نستقبل هذا الشهر في أتون من الفتن والموبقات، والصراعات والمنكرات!! فهذا حاكم يُتربَّص به الدوائر، ويُخشى أن يكون فتنة للناس!! وهذا «دستور» يصاغ في جَوٍّ من القلق والتوتر، بين جموح «العِلمانيين» وطموح «الإسلاميين»، وليس العيب على الأولين بقدر العار والشَّنار على الآخرين()!! وهذه حرب شعواء على التدين والاستقامة؛ كرد فعل على تولِّي رئيس «إسلامي»، ودخول «الإسلاميين» في لجنة تأسيس «الدستور»، وغير ذلك؛ والقاعدة: حيثما وجدت مثل هذه الحرب؛ ففتِّش عن «الإسلاميين»!! وهذه زيارة «أمريكية» غامضة؛ لتحقيق مصالحها -ولابد-؛ أفيكون ذلك -إذن- من خلال «الإخوان»، أم «المجلس»، أم ...؟!! وهذه فوضى لا زالت تعم البلاد -على المستوى الأمني والسياسي والاقتصادي و...-!! ولا ننتظر -بعد كل هذا- سوى المجهول المحض!! فوَاغَوْثاهُ -ربَّاهُ-!! إنه لا يسعني -حقا- وأنا أكتب ما أكتب -الآن- سوى استحضار قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ»() قال الإمام النووي -رحمه الله-: «المراد بالهرج هنا: الفتنة، واختلاط أمور الناس؛ وسبب كثرة فضل العبادة فيه: أن الناس يغفلون عنها، ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا أفراد» اهـ(). نعم؛ هذا هو المتنفَّس الوحيد، الذي يعطينا بارقة أمل، وشيئا من الهِمَّة في الإقبال على رمضان. علينا أن نستحضر هذا الفضل العظيم للعبادة في الفتن، فنستعين بربنا، ونخلص نِيَّتنا، ونصحح توبتنا، ونشمِّر عن ساعد الجِدِّ. ولْنحمدْ ربنا على أن عافانا مما ابتلى به كثيرا من الناس، وتمامُ العافية: بلزوم التقوى، واستعمال المراقبة، والخوف على النفس، والافتقار إلى الله. هذا هو طريقك -أيها المسلم-؛ فالزمه، وإياك والتبدُّع، وإياك والتعمق، وإياك وأَمْنَ مكر الله. جعلنا الله -جميعا- من الفائزين المفلحين -في هذا الشهر وفي غيره-، وأدام علينا عافيته وستره، وتوفَّانا على ما يحبه ويرضاه. كتبه أبو حازم القاهري السلفي الأربعاء/28/شعبان/1433 |