إبحث في الموقع
البحث في
عدد الزوار
انت الزائر :603153
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0الزوار :
تفاصيل المتواجدون

التنبيه على بعض الأخطاء عند الشيخ صالح العُصَيْمي

المقال
التنبيه على بعض الأخطاء عند الشيخ صالح العُصَيْمي
884 زائر
04-08-2025 01:24
أبو حازم محمد بن حسني المصري

التنبيه على بعض الأخطاء

عند الشيخ صالح العُصَيْمي

لتحميل المقالة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى.

فقد وقفت على (فيديو)، ذُكرت فيه أقوال، موثَّقةً بصوت الشيخ صالح العُصَيْمي -سدده الله-، وهذه الأقوال فيها أخطاء بيِّنة، وبعض ما جمعه الناقد قد تحامل فيه على الشيخ، فلهذا لم أَعْزُ إلى (الفيديو).

*أولا: كلام للشيخ العصيمي في علم الحديث، وأهله:

1-قال الشيخ: «علم الحديث علم حُفَّاظ، والحفاظ يشق عليهم التقعيد؛ ولذلك علوم المحدثين
لم تُقَعَّد بعد» اهـ.

قلت: هذا كلام غريب جدا، أتعجب من صدوره من مثل الشيخ صالح! حتى وإن كان تخصصه في غير الحديث.

كيف يقال: علوم الحديث لم تقعد بعدُ؟! هذا لا يقوله حتى غير المتخصصين في الحديث!

معنى الكلام: أنه لم يكن تقعيدٌ لعلوم الحديث، منذ نشأتها، إلى اليوم!

لقد قعَّد المتقدمون لعلم الحديث، حتى قبل ظهور المصنفات المستقلة في المصطلح.

قعَّد الشافعي في «الرسالة»، وأبو داود في «رسالته إلى أهل مكة»، والترمذي في «علله الصغير»، وابن حبان في مقدمة «صحيحه»، وغيرهم.

ثم نشأت المصنفات المستقلة في علوم الحديث، ككتاب الرامهرمزي، وما تلاه، وكلها تقعيدات.

وأما كتب المتأخرين؛ فحسبك بها.

فكل هذه القرون والجهود، وعلوم الحديث لم تُقعد بعد؟!

ولعل الشيخ يشير إلى تلك القضية، التي يقال فيها: إن تقعيدات المتأخرين لا تعبر عن حقيقة منهج المتقدمين، فالأمر يحتاج إلى إعادة استقراء لكلامهم وتصرفاتهم، حتى نخرج بالصورة الحقيقية الصحيحة لعلوم الحديث، ومصطلحاته!

وهذه دعوى تلك النابتة البغيضة المعروفة، التي تفرق بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين.

فهل الشيخ صالح منهم، ونحن لا ندري؟!

2-قال: «وأهل الحديث علمهم مبني على الحفظ، وأهل الفقه علمهم مبني على الفهم، ولذلك اعتنى الفقهاء بضبط علمهم، فجعلوا له أصولًا وقواعد، وأما أهل الحديث فلا تكاد تفرح بقواعدهم في كثير من علومهم» اهـ.

قلت: للأسف الشديد: هذه جناية عظيمة على الحديث وأهله.

والأمر لا يخلو: إما أن تكون علوم الحديث لم يتم تقعيدها -أصلًا-؛ فهذا قد تعرضنا له.

وإما أن تكون القواعد قد وُضعت؛ لكنها -على حدِّ تعبير الشيخ- لا يُفرح بها!

القواعد التي لا يُفرح بها هي القواعد الباطلة، أو غير المطردة، أو غير الجامعة، أو نحو ذلك؛ وقواعد علوم الحديث ليست كذلك أبدًا.

ولا بد أن يُفرَّق بين القاعدة -نفسها-، وبين فهمها وتطبيقها.

مثال: «زيادة الثقة مقبولة»، قاعدة وضعها المتقدمون -أنفسهم-، وعملوا بها في شتى كتبهم، حتى في الصحيحين، لم يبتدعها المتأخرون، إنما هناك من توسع في إعمالها، فقَبِلَ زيادة الثقة -بإطلاق-، وهذا قد رَدَّ عليه محقِّقو المتأخرين -كالعلائي، وابن حجر-، وبيَّنوا أن هذا لم يكن مراد المتقدمين ولا عملهم.

وحتى اختلاف المتقدمين -أنفسهم- في العمل بهذه القاعدة: ليس اضطرابا ولا فسادا يؤدي إلى كون القاعدة «لا يُفرح بها»، إنما هو اجتهاد في التنزيل: هل زيادة الثقة في الحديث المعين تُقبل أم لا؛ من جنس اختلافهم في نفس التصحيح والتضعيف، فإنهم لم يختلفوا في نفس قواعد التصحيح والتضعيف، وإنما اختلافهم في تنزيلها على الأحاديث المعينة، فهذا يصحح، وذاك يضعف؛ وهذا موجود في كل العلوم.

ثم إن الشيخ نحا باللائمة على المحدثين، ورفعها عن الفقهاء؛ فسبحان الرحمن! ألم يقع التناقض والفساد عند الفقهاء في نفس القواعد والضوابط الفقهية، فضلا عن تنزيلها؟! أين الشيخ من أهل الرأي -مثلا- وأصولهم التي دفعوا بها في نحر السنة، من وقت نشأتهم، إلى يوم الناس هذا؟! هذا فضلا عن الأصوليين، وما أدراك ما الأصوليون!

3-قال: «وقد ذكر بعض شراح «الرَّحَبية» -كما ذكره الوشلي في «الثناء الحسن»-، ذكر أن الحفظ والفهم قوتان، وإذا غلبت إحداهما على الأخرى أضرت بها، وهذا هو الواقع عند المحدثين، فإن المحدثين اعتنوا بالحفظ، فأضر بالفهم» اهـ.

قلت: لا يجوز هذا التعميم؛ أين البخاري، وأحمد، وإسحق، وغيرهم من فقهاء المحدثين -قديما، وحديثا-، ممن جمعوا بين الحفظ والفهم، وكان استنباطهم أقوى وأرسخ من كثير من الفقهاء؟! والشيخ لم يقل -مثلا-: كثير من المنتسبين للحديث، أو نحو ذلك.

*كلام للشيخ العصيمي في الإخراج من السنة:

قال: «فمتى كان الأصل كليا فخالف فيه، فإنه يخرج من اسم السنة إلى أهل الافتراق؛ وأما المخالفة في جزء فإنها لا تخرج أم لا. أما إن كان جزئيا فإنه ولو اشتهر الخلاف فيه، فإنه لا يُخرِج عن اسم الجماعة» اهـ.

قلت: كلام مجمل، ما المراد بالكلي والجزئي؟ وما المراد بشهرة الخلاف؟ هل المقصود: وإن اشتهر الخلاف فيه بين أهل السنة وأهل البدع؟

مثلا: من أنكر المسح على الخفين؛ فهذا جزئي، فإن كان هذا مراد الشيخ؛ فإن ذلك الشخص لا يُبدَّع، وإن كان في المسألة أحاديث متواترة، وإجماع، وكان الخلاف فيها إنما هو بين أهل السنة وأهل البدع!

وإن كان المقصود: جزئيات الاعتقاد؛ فلا بد من ضبط المراد بها، والتمثيل لها، وكل مسألة بحسبها، وأما الإطلاق هكذا؛ فمردود.

*كلام للشيخ العصيمي في تسمية الرجال عند الردود:

قال: «ونحن لا نريد أن نرد على أحد؛ لأن المقالات لا تتعلق بالرجال، والرجال يتغيرون ويتحيرون، إما تقوى وإما سياسة، ولكن الذي ينبغي أن يوجه إليه صاحب العلم إرشاده وبيانه هو المقالات نفسها» اهـ.

وقال: «لا تسألونا عن الناس، لا تسألوا عن الناس سواء تصريحا أو تلميحا» اهـ.

قلت: لم يزل أهل العلم يسمُّون الرجال في الردود، مع وجود الاحتمال الذي ذكره الشيخ، فلو اعتبرنا به، وجعلناه مناطًا لنفي التسمية؛ فهذا تطويح بمنهج السلف والأئمة.

ولا يجوز التقعيد -هكذا- لنفي التسمية، ولا اتخاذه منهجًا يُقرَّر، ويُدعَى إليه، ويُنفَّر عن ضده.

غاية ما في الأمر: أن المتكلم قد يمسك عن التسمية رعاية للمصالح والمفاسد، وهذا ليس مطردا؛ إذ هناك -بالقطع- من يُسمَّى في الرد عليه، دون خشية مفسدة راجحة.

وأيضا: نحن لا نطالب كل أحد بالردود، فضلا عن تسمية المردود عليه، فضلا عن تصنيفه؛ فإن الباب فرض كفاية، ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها، فمن اشتغل بالعلوم الشرعية، ولم يتصدر للردود؛ فما عليه من سبيل؛ لكن ليس له أن يقعد لنفي الردود والتسمية -بتلك الطريقة-.

وأنا أعلم أن هناك من يقول بقول الشيخ هذا؛ فكلامي هذا ردٌّ عليهم جميعا، أيًّا كانوا.

نسأل الله الهداية، والسداد.

كتبه

أبو حازم المصري

10/صفر/1447

   طباعة 
0 صوت