الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله؛ صلى الله عليه وسلم.
فقد تكاثرت عليَّ الأسئلة عن حكم حلق اللحية -في ظل ما نعيشه الآن من واقع الفتن-.
والجواب: أنه لا يجوز حلق اللحية -ولا غيره من المحرمات- حتى تتحقق الضرورة المعتبرة شرعا.
وفي مسألتنا هذه: لا بد أن نفرق بين الجانب الإجمالي والجانب التفصيلي، ولا بد أن نفرق بين الضرر المعتبر وغيره.
فأما الجانب الأول؛ فوجود الفتنة الإجمالية في حق الملتزمين لا يستلزم وجودها في حق كل واحد من أعيانهم، فمع الإقرار بوقوع الأذى -إجمالا- لبعض ذوي اللحي؛ إلا أنه ليس واقعا لجميع أعيانهم، ولا متيقَّنا في حق جميع أفرادهم، والضرورة لا بد فيها من التحقق -خلافا للظن والوهم- للمبتلى بها بعينه -خلافا لغيره من الناس-، ولم يقع هذا حتى الآن -ولله الحمد-، والواقع شاهد: فكثير من إخواننا لم يلحقهم شيء -أصلا-، وكثير لم يلحقهم إلا مجرد التشنيع والسخرية.
وأما الجانب الثاني؛ فالضرورة التي تبيح المحظور لا بد فيها من الأذى المعتبر شرعا؛ كالهلكة، أو ما يقاربها -من كسر عضو، أو شَجِّه، أو حبس طويل، أو نحو ذلك-، وأما مجرد السخرية، أو الضرب اليسير، أو الحبس القصير؛ فلا يعتد به، ولا يُستباح به الحرام.
فلا بد من الانتباه لذلك، وهكذا كنا نقول في واقع الاستضعاف والقهر الأمني، وهو ما تقتضيه القواعد الشرعية، فلا مجال لتغييره ولا تبديله.
وأنصح جميع الإخوة بالصبر والتقوى؛ فإنه لا بد من البلاء والأذى، ولو تركنا ديننا لأدنى شيء منهما؛ لخبنا وخسرنا، والأمور حتى الآن -ولله الحمد- لم تصل إلى مستوى البلاء المطلق والاستضعاف التام.
فعلينا بالصبر والثبات، واليقين والإيمان، ولزوم التقوى والاستقامة، والاستعانة بالله والافتقار إليه على الدوام، ونحن في مرحلة امتحان، ينظر فيها ربنا كيف نعمل، فلئن قمنا بما سبق ذكره؛ لتكونن العاقبة لنا، وإلا؛ فنعوذ بالله من الاستبدال والخذلان.
نسأل الله أن يكشف الكربة، ويرفع الفتنة، ويحفظ أهل السنة -خاصة- والمسلمين -عامة-؛ إنه ولينا ومولانا، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
كتبه
أبو حازم القاهري السلفي
الأحد 28/شعبان/1434 |