البيان ال"/>
الدرس الثاني والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الثالث والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الرابع والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الخامس والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس السادس والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس السابع والعشرون، وهو الأخير - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو حرمة أكل المال بالباطل - خطب عامة الحياء 1446 - خطب عامة لغة القرآن والحفاظ على الهوية - خطب عامة صناعة العقول بين الاستقامة والانحراف - خطب عامة
إبحث في الموقع
البحث في
عدد الزوار
انت الزائر :567266
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0الزوار :
تفاصيل المتواجدون

تفريغ الخطبة السادسة من البيان الرفيع لدين الرافضة الشنيع

المقال
تفريغ الخطبة السادسة من البيان الرفيع لدين الرافضة الشنيع
3708 زائر
28/04/2013
أبو حازم القاهري السلفي

البيان الرفيع

لدين الرافضة الشنيع

(الخطبة السادسة)

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1].

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71].

أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله -تعالى-، وخير الهُدى هدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فقد شرعنا في تفصيل الكلام على دين الرافضة ومذهبهم، وابتدأنا بالكلام على مراجعهم وأصولهم التي يستمدون منها دينهم، وجعلنا الخطبة الماضية مقدّمة في ذكر مصادر الأحكام عند أهل الإسلام والسنّة والجماعة، وذكر موقف الرافضة الإجمالي منها؛ وهذا أوان تفصيل الإجمال، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا به.

أول ما نتكلم فيه من ذلك: الكلام على أعظم المصادر وأمّها، وهو: القرآن، وقد ذكرنا أن موقف الرافضة الإجمالي منه: أنهم يعتقدون نقصانه وكتمان كثير منه، وأنهم يحرّفونه لفظًا ومعنىً، وأنهم يؤمنون بمصحف خفي سريّ -وهو مصحف فاطمة-، ولهم غير ذلك من الانحرافات في القرآن -كما سنعرف إن شاء الله-.

ولنبدأ بالكلام على الفرية العظمى، والبهتان الأكبر، الذي بسببه استحقّ أن يكون مذهب الرافضة نسيًا منسيًا، واستحق أن يُلقى في مزبلة المذاهب والأفكار، من غير رجعة ولا قومة؛ ألا وهي: فرية نقصان القرآن.

ولنذكِّر بما تقدّم من موقف ابن سبأ -الذي هو أبو الرافضة-، عندما ادّعى أن القرآن جزء من تسعة أجزاء، وأن معظم ذلك علمه عند علي، ولما كَبرت هذه الفرية؛ تصدّى لها الحسن بن محمد بن الحنفية في رسالته التي ذكرها في الإرجاء، عندما تكلم على ما يُدّعى فيهم من أنهم اختُصوا بشيء دون الناس من العلم والوحي، وقد تقدّم الكلام على هذا، فليُستحضر الآن؛ حتى تعرف أصل هذه الفرية ومنشأها.

والواقع أن شأن فرية التحريف قديمٌ عند الرافضة، ولم يظهر الكلام عليه ويأخذ منحى تأصيليًا إلا في عصور متأخرة، وإلا؛ فهو قديم فيهم.

وأول ما ذُكرت هذه الفرية: في كتاب يُقال له «كتاب سُليم بن قيس»، وسُليم هذا اختلف الرافضة أنفسهم في شأنه: فمنهم من يعده من النكرات المجاهيل -الذين لا يُعرفون-، ومنهم من يقول: بل كان من أصحاب علي -رضي الله عنه- وشيعته، وكان هاربًا من الحجاج بن يوسف الثقفي، فلجأ إلى رجل يُقال له: أبان بن أبي عياش، فآواه وحماه من الحجاج، حتى إذا حضرت سُليمًا الوفاةُ؛ أعطى أبانًا هذا الكتاب، الذي يقال له «كتاب سليم بن قيس».

وهذا الكتاب يشتمل -في جملة ما يشتمل عليه- على ذكر المعتقدات السبئية من الغلو في علي، ففيه مخاطبته بأوصاف الربوبية والألوهية، وغير ذلك من أمور الغلو التي أظهرها ابن سبأ وأتباعه؛ حتى وقع الكلام فيه على ذكر تحريف القرآن ونقصانه، وكان ذلك من خلال روايتين مذكورتين فيه، مع كثير من الزيادات والإضافات، التي ألحقتها كتب الرافضة من بعد ذلك.

* فأما الرواية الأولى؛ ففيها ذكر بيعة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومعلوم ما وقع في خلال ذلك من كلام الصحابة -رضي الله عنهم- في السقيفة واختلافهم، حتى استقر الأمر على الصديق
-رضي الله عنه- خليفة للمسلمين، ومن جملة ما يُذكر في ذلك: أن عليًا تأخر عن البيعة، وسنخوض في هذه الجزئية بعد ذلك -إن شاء الله-، والمقصود هنا أن نوضح شأن هذا التخلف فيما يتعلق بتحريف القرآن.

فهذه الرواية التي وُجدت في كتاب سُليم: فيها أن عليًا إنما تأخر عن بيعة الصديق لأجل أنه كان يجمع القرآن - هكذا-، وأنه جعل يجمعه من مختلف صحفه ومصادره ورقاعه، حتى جمع كل شيء: جمع تنزيله وتأويله وناسخه ومنسوخه، حتى إذا تكامل له ذلك؛ رجع به إلى الصحابة -رضي الله عنهم-، فقال له عمر: «ما أغنانا بما معنا من القرآن عما تدعونا إليه»!!

تأمل في الدس والكذب والبهتان! يقول له عمر: لسنا بحاجة لهذا الذي جئتنا به؛ فإنا عندنا قرآنا آخر -على حدِّ فهم الرافضة- يباين ما جئتنا به، فلا حاجة لنا فيما جئتنا به!!

وماذا أيضا؟! يقولون: «فلما فتحه أبو بكر؛ خرج في أول صفحة فضائح القوم»!! لأن اعتقادهم في هذا القرآن المكتوم الذي يتداولونه فيما بينهم: أن فيه فضائح الصحابة -رضي الله عنهم-، ولهذا كتموه ولم يظهروه للناس؛ فهكذا يقولون في هذه الرواية: لما فتحه أبو بكر؛ وجد الفضائح والعظائم، وما يمسّ جناب الصحابة، ويسقط عدالتهم؛ فأدرك ما في إظهاره من الخطر.

فعندئذ كلف زيد بن ثابت بجمع القرآن، وليس هذا فقط؛ بل تآمروا على قتل علي!!!

هكذا! لما عرفوا أنه سيفضحهم، وأن فيما معهم من القرآن -بزعمهم- ما يؤكد ذلك؛ قالوا: لسنا بحاجة إلى ما معك، وقُمْ يا زيد -رضي الله عنه- فاجمع القرآن، وأما عليٌّ هذا؛ فلنا معه شأن، وإن استطعنا أن نقتله فعلنا!! هذه هي الرواية الأولى.

* وأما الرواية الثانية؛ فتنتقل إلى عصر آخر، وهو عصر خلافة علي -رضي الله عنه-، ففيها: أن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- خاطب عليًا في إظهار ما معه من القرآن، فقال له علي: «أخبرني عما في كتب عمر وعثمان: أقرآن كله؟»، قال: «نعم»، قال: «فإن أخذتم بما فيه؛ نجوتم؛ فإن فيه حجتنا وبيان حقنا وفرض طاعتنا»، وفي بعض الطرق- وهذا موطن الشاهد-: «لولا أنه زيد فيه ونقص منه؛ لما خفي حقنا على ذي حِجا»!!

هكذا ينسبون إلى علي؛ أي: إن حقه -بزعم الرافضة- موجود في القرآن؛ ولكن الصحابة كتموه ولم يظهروه؛ هضمًا للحق ووثبًا على وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلولا ذلك لكان حقه ظاهرًا معلومًا مشهورًا، ولما أنكره أحدٌ من الناس.

فهاتان روايتان ظهرتا في هذا الكتاب النكرة، الذي لا قيمة له ولا أصل، وعليهما انبنى مذهب الرافضة في القول بتحريف القرآن، وتصريحاتهم في ذلك كثيرة جدًا، ونحن نقتصر على بعضها -كما هو الشأن في طريقتنا إن شاء الله تعالى-.

ممن اعتمد هذه الفرية: ثلاثة من متقدميهم، وهم الذين يهمنا الكلام على شأنهم خاصة؛ لشدة جلالتهم عند الرافضة.

فأما الأول فهو: علي بن إبراهيم القُمِّي، صاحب «التفسير» الذي يقال له «تفسير القُمي»، وهو أجل تفاسير الرافضة مطلقًا، حتى قالوا فيه: هو أصل أصول التفاسير عندنا؛ ذكر القول بتحريف القرآن في هذا التفسير، واعتمده وأظهره.

وأما الرجل الثاني؛ فهو تلميذه الكُليني-الذي سبق ذكره-، صاحب الصحيح الأكبر عند الرافضة، الذي يقال له: «الكافي»؛ ذكر أيضًا هذا المذهب هذا في «كافيه»؛ بل روى في جملة ما روى: «أن القرآن الذي جاء به جبريل إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- سبع عشرة ألف آية»!!

القرآن الذي بين أيدينا: كم آية فيه؟ ستة آلاف وكسر؛ ما معنى هذا؟ أن الذي أُظهر من القرآن إنما هو ما فوق الثلث بقليل، وأما ما يقارب الثلثين؛ فقد ضاع، ولا يعرفه إلا أئمة أهل البيت، وهو موجود في المصحف الذي يتداولونه فيما بينهم!!

وأما الرجل الثالث؛ فهو مفيدهم محمد بن النعمان -الذي سبق ذكره أيضًا-، قال في كتابه يسمى بـ «أوائل المقالات»: «إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد -صلى الله عليه وسلم- باختلاف القرآن، وما أحدثه بعض الطاعنين فيه من الحذف والنقصان» اهـ.

هؤلاء ثلاثة من متقدميهم، وحتى نؤكد استمرار هذا الأمر عند متأخريهم؛ نذكر بعض كلامهم أيضًا.

فمنهم: صاحب أجل تفسير من التفاسير المتأخرة عندهم، وهو محمد محسن الفيض الكاشاني، وتفسيره يقال له «تفسير الصافي»؛ قال فيه: «المستفاد من الروايات من طريق أهل البيت -عليهم السلام-: أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه -كما أنزل على محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-؛ بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرّف، وأنه قد حُذف عنه أشياء كثيرة، منها: اسم علي -عليه السلام- في كثير من المواضع، ومنها غير ذلك، وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-» اهـ.

ومنهم -وعنده لا بد أن نقف-: رجل صنّف كتابًا خاصًّا في ذكر تحريف القرآن!! فلم يكتفوا ببيان هذه المسألة في كتبهم؛ بل صنفوا فيها، وصاحب هذا التصنيف هو حسين بن محمد النوري الطّبَرسي، الذي هلك في القرن الرابع العشر الهجري، صنف كتابًا سمّاه: «فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب»!! قال في مقدمته: «يقول العبد المذنب المسيء حسين بن محمد تقي الدين الطبرسي؛ جعله الله من الواقفين ببابه المتمسكين بكتابه - كذا قال!!-: هذا كتاب لطيف وسِفْرٌ شريف، عملته في إثبات تحريف القرآن وفضائح أهل الجور والعدوان، وسميته فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب... وأودعت فيه من بدايع الحكمة ما تقر به كل عين، وأرجو ممن ينتظر رحمته المسيئون أن ينفعني به في يوم لا ينفع مال ولا بنون -كذا قال!!-.

إلى أن قال في صلب الكتاب: «إن الأخبار الدالة على ذلك التحريف تزيد على ألفي حديث، وادّعى استفاضتَها جماعةٌ؛ كالمفيد، والمحقق الداماد، والعلامة المجلسي، وغيرهم؛ واعلم أن الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة، التي عليها معوَّل أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية والآثار النبوية» اهـ.

يصنف كتابٌ عند الرافضة في إثبات تحريف القرآن، ويُقال فيه: إن الروايات التي تُثبت ذلك بلغت ألفَي رواية!! وهذا لا يكاد يجتمع في شيء من المنقولات، هذا من أعلى طرق التواتر على الإطلاق!! فتحريف القرآن عند الرافضة متواتر في أعلى درجات التواتر!!

وها هنا شيء لا بد أن ننبه عليه:

كثير من السُّذَّج الذين يحسنون الظن بالرافضة، ويثنون عليهم، ويذبون عنهم، ويدعون إلى التقارب، ونحو ذلك: يقولون إنهم مظلومون في هذا، وإنهم لا يقولون بهذه الفرية ولا يعتقدونها، ويذكرون كلامًا لبعض أئمتهم، فيه براءة من القول بتحريف القرآن.

فنقول: اعلم أن الرافضة لهم أصلٌ سنتكلم فيه تفصيلا - إن شاء الله -، وهو: التقية، والتقية مرادفة للنفاق: إظهار شيء وإبطان خلافه، فالرافضة من أعظم دينهم وأصولهم: هذه التقيّة، يعتقد شيئًا في باطنه ثم يظهر لك خلافه، يعتقد في باطنه -مثلا- أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- مرتدون -كما عرفنا وسنعرف-، ثم إذا كلمت واحدًا منهم يقول: أبو بكر رضي الله عنه! وعمر رضي الله عنه! وعثمان رضي الله عنه! وأمهات المؤمنين! وأصحاب الرسول! هذه هي التقية؛ فاحذر! التقية عندهم تسعة أعشار الدين، ولا دين لمن لا تقية له! هكذا يقولون، وينسبون إلى أئمة أهل البيت؛ فاحذر هذا.

وقد عرفنا نص كلامهم في كتبهم في اعتقادهم لهذه الفرية، فلا نصدّق أحدًا يقول من بعد: إنا لسنا نقول بهذا، أو لسنا نعتقده؛ لا نصدق أحدا منهم؛ فإنهم غير مؤتمنين.

وحتى لو لم يعتقدوا تحريف القرآن؛ فلا يلزمهم أن يقولوا به ويوقنوا به -مع تجريحهم للصحابة-، فهم بين أمرين أحلاهما مُرٌّ: إما التصريح باعتقاد التحريف، وإما التناقض: عندما يظهرون إنهم يؤمنون بهذا القرآن الذي بين أيدينا، وهم في حقيقة أمرهم يكفرون نقلته؛ فأي قرآن هذا الذي يؤخذ به -إذا كان نقلته كافرين-؟!

فهم كيفما دار أمرهم طاعنون في القرآن، وكيفما دار كلامهم قادحون في القرآن؛ فلا تغتروا بكلامهم، ولا تستمعوا لهذه التناقضات؛ فإنها لا حقيقة لها، والقوم كلامهم يصرّح بمعتقدهم، فلا حاجة لنا بعد ذلك إلى سواه.

نسأل الله أن يعيذنا من الفتن كلها؛ أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

* الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

السؤال الذي نتعرّض له بعد ذلك: أين ذهب القدر المكتوم من القرآن؟! إذا كانوا يقولون: إنه قد كُتم منه ما يقارب الثلثين؛ فأين ذهب هذا القدر؟! مع من هو؟! ومتى سيظهر؟!

الجواب يأتيك في ذكر ما يُقال له: «المصحف السري»، هذا مصحف يؤمن به الرافضة، يشتمل على ما كتمه سائر الصحابة -بزعمهم- من القرآن؛ فما قصة هذا المصحف؟!

الجواب يأتيك في الروايات التي ذكروها في كتبهم المعتمدة:

فروى الكليني في «كافيه» أن علياً قيل له: «جُعلتُ فداك؛ إنا نسمع الآيات في القرآن، ليس هي عندنا كما نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم، فهل نأثم؟»، فقال: «لا، اقرؤوا كما تعلمتم، فسيجيئكم من يعلمكم».

هذا رجل يقول لعلي -بزعم الرافضة-: إنا نسمع آيات -يعني: من سائر الناس، من عوام المسلمين-، تخالف ما هو عندنا، يعني: عندنا أشياء حصلنا عليها منكم -أهلَ البيت-، والذي نسمعه من القرآن يباين ما هو مكتوب فيها، ولا نستطيع أن نقرأ هذه الأشياء كما تعلمنا منكم؛ فهل نأثم؟! فقال له علي - بزعم الرافضة -: كلا، اقرأوا كما جاء لكم، فسيجيئكم من يعلمكم.

وهذا -عند الرافضة- إشارة إلى القائم النكرة الذي لا وجود له: المهدي المنتظر، محمد بن الحسن العسكري، الإمام الثاني عشر، صاحب السرداب، الذي اختبأ فيه منذ مئات السنين، وينتظرون رجوعه حتى الآن؛ فعندهم: أن هذه إشارة من علي نفسه بخروج هذا المهدي المنتظر، وأن معه السر المكتوم، والعلم المضنون به على غير أهله!!

وماذا أيضًا؟! روى الكليني عن جعفر الصادق: «إن عندنا مصحف فاطمة»، قيل له: «وما مصحف فاطمة؟»، قال: «مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، ما فيه من قرآنكم حرف واحد»!!

وروى محمد باقر المجلسي في «بحار الأنوار» -وهذا أحد الصحاح الثمانية عند الرافضة، وهذا الرجل من أكابر متأخريهم-، روى عن جعفر أيضًا أنه قال: «وعندنا مصحف فاطمة، ما فيه آية من كتاب الله، وإنه لإملاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وخط علي بيده»!!

فهذا المصحف أملاه النبي -صلى الله عليه وسلم- على عليٍّ، وكتبه عليٌّ بخط يده، ثم أودعه عند فاطمة -رضي الله عنها- وهو الذي يتداوله أهل البيت، حتى يخرج به القائم في آخر الزمان!!

وقد لخص مفيدهم هذه الأخبار، فقال في «بحار الأنوار» له: «إن الخبر قد صح من أئمتنا - عليهم السلام - أنهم أمروا بقراءة ما بين الدفتين، وأن لا نتعداه، بلا زيادة فيه ولا نقصان منه، حتى يقوم القائم -عليه السلام - فيقرأ الناس القرآن على ما أنزله الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين - عليه السلام -» اهـ.

وهذا الكلام يعطيك جوابًا عن سؤال، وهو: إذا كان اعتقاد الرافضة هكذا؛ فلماذا يقرأون مصاحفنا؟! من اختلط منكم بهم، أو كان يعمل معهم - أعاذنا الله من ذلك-؛ فإنه قد يجد معهم مصحفنا -مصحف المسلمين-،ويجده يقرؤه وينظر فيه ويعتني به؛ فكيف يتفق هذا مع اعتقادهم تحريفه؟!

هذا هو الجواب: ينسبون إلى أهل البيت - كما عرفنا في الرواية السابقة عن علي في كتاب الكافي- أنهم أمروا شيعتهم بقراءة هذا القرآن، حتى يأتي القائم بالقرآن المكتوم، فلا إشكال عندهم أن يقرأوا مصحفنا، طالما أن المكتوم سيجيء من بعد ذلك على يد القائم المنتظر.

ثم يأتي -من بعد ذلك- سؤال آخر، وهو: إذا كانوا يقرأون قرآننا ويعتنون به، وإذا كانوا يستشهدون به في كتبهم على مذاهبهم ودينهم واعتقاداتهم؛ فما توجيه ذلك؟!

اعلموا - بارك الله فيكم- أن الرافضة لما أحسّت بشناعة القول بتحريف القرآن - أعني نقصانه-؛ أرادت أن تخفف من وطأة ذلك، ولا يسعهم أن يستغنوا عن القرآن الذي بين أيدينا، لا بد أن يستشهدوا به ويستدلوا به -ولو في أقل القليل-؛ ولكنهم يحرّفونه -لفظه ومعناه-، فتجدهم يأتون بالآية من هذا القرآن، ويقولون: ما هكذا نزلت، وإنما نزلت بزيادة كذا وكذا؛ فهم يستشهدون بالآية من قرآننا -على معنى إثبات التحريف فيه والنقصان-؛ هذا هو الذي يقال له «تحريف اللفظ»، وتحريف المعنى: أنهم يلوون أعناق الآيات، ويفسرونها تفسيرًا باطنيًا خبيثًا، لا أصل له في لغة العرب ولا في العقل السليم، حتى يسحبوها على مذاهبهم واعتقاداتهم؛ هذا هو تحريف المعنى: أن تبقي على اللفظ كما هو، ولكنك تخرج به عن معناه الحقيقي إلى معنى آخر مختلف بعيد.

وقد تكلمنا على هذا أيضًا، وذكرنا أن ابن سبأ نفسه هو أصل هذا الصنيع أيضًا، عندما استدل على رجعة النبي -صلى الله عليه وسلم- بقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص: 85]، وقلنا إن هذا يُعد أول مظهر من مظاهر التفسير الباطني عند الرافضة، فهكذا انتشر الأمر فيما بينهم -ما بين تحريف لفظي وتحريف معنوي-.

ونحن نكتفي في مقامنا هذا بذكر بعض الأمثلة، وكثير مما سنذكره موجود في «تفسير القمي» و«كافي» الكليني.

لا بد أن نعرف أولا: أن عندهم سورة مستقلة، تسمّى بسورة «النورين» وسورة «الولاية»؛ ماذا جاء في هذه السورة عندهم؟! استمع، حتى تقارن بين كلام البشر، وبين كلام رب الرب -سبحانه وتعالى-، وحتى توقن بقول الله -عز وجل-: ﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾ [الإسراء: 88].

جاء في تلك السورة المزعومة عندهم: «وإن علياً من المتقين، وإنا لنوفيه حقه يوم الدين، ما نحن عن ظلمه بغافلين، وكرمناه على أهلك أجمعين، فإنه وذريته لصابرون، وإن عدوهم إمام المجرمين»!!

هذا يدعون فيه أنه كلام الله -عز وجل-! هذا من القرآن المكتوم عند الرافضة!

وماذا أيضًا؟! عندهم في سورة «الشرح» ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]، عندهم آية ساقطة وهي: «وجعلنا عليا صهرك»!!

ومن الأمثلة أيضًا: أنهم في سورة الفاتحة يقرأون قول الله تعالى ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7] يقرأونها: «صراط من أنعمت عليهم»، يبدلون كلمة ﴿ الَّذِينَ ﴾ بكلمة «من»!! هذا من جهة اللفظ، ومن جهة المعنى يقولون: المغضوب عليهم: النواصب، الذين هم أعداء أهل البيت!! والضالون: هم الذين يشكُّون في الإمام، يشكون في المعتقد الحق: معتقد الإمامة والولاية والوصية!! وبعضهم يدخل في تفسير المغضوب عليهم: عمر -رضي الله عنه وأرضاه-!!

ومن ذلك: قولهم في قول الله تعالى: ﴿ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ﴾ [البقرة: 23]؛ يقولون: إنما نزلت هكذا: «وإن كنتم في ريب مما نزلنا في علي»!!

ومن ذلك:قولهم في قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 172]؛ يقولون إنما نزلت هكذا: «ألست بربكم، وأن محمدا رسولي، وأن عليا أمير المؤمنين»!!

ومن ذلك: قولهم في قول الله تعالى:﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ﴾ [طه: 115]، يقولون إنما نزلت هكذا: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم»!!

وهذا يتفق مع اعتقادهم -الذي ذكرناه من قبل- في أن الله تعالى أخذ الميثاق على جميع الأنبياء بولاية علي، فيقولون: هذا كان نازلا في القرآن؛ ولكن الصحابة كتموه، وهو موجود عندنا!!

ومن سخيف تفسيرهم -واستمع إليه، واستعذ بربك من الفتن-:

قولهم:﴿ مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ﴾ [الرحمن: 19]: علي وفاطمة!! ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن: 22]: الحسن والحسين!!

وقولهم: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ﴾ أبو بكر!! ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ﴾ [الفرقان: 27] عليًا وليًا!! ﴿ يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً ﴾ [الفرقان: 28] يقولون: هو عمر!!

وقولهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ﴾ [البقرة: 67] هي عائشة!!

وقولهم: ﴿ وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ﴾ [الإسراء: 60] هم بنو أمية، الذين ناصبوا أهل البيت العداء!!

ونكتفي بهذا، ولا حاجة لنا بنا إلى شيء آخر!!

ولنستحضر هنا ما سبق من الكلام على تفسير القرآن -عند أهل الإسلام-، حتى تعرف أن هذه التفاسير بعيدة كل البعد عن جادة العرب، وحتى عن العقل السليم؛ فمثلا: قول الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ إنما خوطب به قوم موسى -عليه السلام-، فهؤلاء يقال لهم: إن الله يأمركم أن تذبحوا عائشة؟!!

فدين الرافضة - بارك الله فيكم- لا عقل ولا نقل؛ دين مسخ!!

فهذا محصَّل اعتقادهم في مسألة تحريف القرآن: يعتقدون نقصانه، وأن القدر الناقص في مصحف سري، يأتي به القائم في آخر الزمان، وهذا القرآن الذي بين أيدينا يتعرضون له بالتحريف: إما باللفظ وإما بالمعنى.

والواقع أننا لا نحتاج إلى رد على هذا المعتقد الخبيث؛ فإن من المذاهب ما يعرف بطلانها بمجرد نقلها، لا تحتاج تكلفًا في بيان الإبطال؛ ولكننا مع ذلك -ومن باب تثبيت اليقين في قلوب المسلمين، وتقوية دينهم وإسلامهم- نذكر أوجهًا مختصرة، وإلا فتفصيل الرد عليهم قد اعتنى به من يعتني بشأنهم، وصُنِّفت في ذلك مصنفات، وفيها ردود تفصيلية دقيقة؛ ولكننا نكتفي بردود إجمالية.

* الوجه الأول: أن اعتقادهم هذا خلاف المتواتر في القرآن، وما هو معلوم بالضرورة عند المسلمين؛ فالله -عز وجل- يقول -كما سمعنا في الجمعة الماضية-: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، ووصف قرآنه بأنه: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه: غير ذي عوج، إلى غير ذلك من الصفات العظيمة، التي لا يتفق معها هذا المذهب الخبيث أبدًا؛ وهذا مجمع عليه، معلوم بالضرورة من دين الإسلام، فمن أنكر حرفًا من القرآن متفقًا عليه، أو ادعى كتمان حرف منه؛ فقد كفر بالله العظيم -بإجماع المسلمين-.

* الوجه الثاني: أن قولهم هذا يستلزم أن ما عهد الله به إلى البشر أعظم مما تعهد بنفسه بحفظه!! فالله -عز وجل- تعهد بنفسه الكريمة العلية بحفظ هذا القرآن، وهم يقولون: القرآن لم يُحفظ، وإنما حُفظ من خلال أئمة أهل البيت المعصومين؛ هكذا اعتقادهم فيهم؛ ولكنهم في حقيقة أمرهم بشر، فلزم بمذهبهم أن ما حفظه البشر أعظم وأعلى وأجلّ مما حفظه الله -عز وجل-!!

* الوجه الثالث: أن مذهبهم هذا يستلزم أنه لا فرق بين هذه الأمة وبين اليهود والنصارى!! فاليهود والنصارى ألم يحرّفوا ويبدلوا؟! ألم يكتموا وينتقصوا ويزيدوا؟! فعلى مذهب الرافضة الخبيث: أي فضل لهذه الأمة؟! وأية مزية لها؟! ولماذا تستحق أن تكون أمة مكرمة -والحال هكذا-؟! ولكن حقيقة مذهبهم - كما عرفنا- الطعن في الإسلام، وإسقاط أمة الإسلام والقضاء عليها وعلى دينها جملة.

* الوجه الرابع: أن مذهبهم هذا فتح باباً عظيمًا جدًا لأعداء الإسلام، وقدّم لهم خدمة على طبق من ذهب -كما يقال-!! فالنصارى الآن -مثلا- يقولون لنا: الشيعة منكم يطعنون في القرآن؛ فكيف تقولون إن هذا القرآن حق، وإنه من عند الله، وإنه التنزيل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ومنكم أناس يطعنون فيه؟!

ولما عرضت هذه الشبهة على أبي محمد بن حزم -رحمه الله-؛ قال: إن الرافضة ليسوا من المسلمين، ولا يعتد بهم، ولا يلتفت إليهم؛ إلى آخر كلامه الذي سنذكره في محله -إن شاء الله-.

فتأمل كيف خدم الرافضة أعداء الإسلام أعظم خدمة، وفتحوا باب الطعن في دين الله -عز وجل-، وهكذا قصدهم وهدفهم أصلا -كما عرفت-.

* الوجه الخامس: أنهم ربطوا هذا القرآن المكتوم عندهم بالمهدي، والمهدي أصلا نكرة -كما سنعرف إن شاء الله-، وما ربط بنكرة فهو نكرة، وما بني على باطل فهو باطل!!

* الوجه السادس: أننا نقول لهم: إذا كان هذا القرآن المحفوظ عندكم موجودا عند علي؛ فلماذا لم يظهره في خلافته؟! ولماذا لم يحكم به؟! وعندما دُعي الى التحكيم في وقعة صفين؛ لماذا لم يدع إلى تحكيم ما معه، وما يشهد لحقه وحق أهل بيته؟! يقولون: التقية دفعته إلى هذا!! والتقية باطل -كما سنعرف في محله إن شاء الله-.

* الوجه السابع والأخير: أننا نعود إلى مصادرنا المعتبرة -مصادر أهل الإسلام والسنة -، فهي تثبت أن عليًا -رضي الله عنه- لم يختص بشيء من الوحي ولا غير ذلك أبدًا، وتثبت أنه كان يترضى على أبي بكر وعثمان في جمعهما للقرآن؛ فإن أبا بكر جمع أولا، وعثمان جمع ثانيًا.

فمن هذه الروايات: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» -وإن احمرّ أنف الرافضة!!- عن أبي جُحَيفة -رضي الله عنه- وهو صحابي-، قال: قلت لعلي -رضي الله عنه-: «هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟» -حتى تعرف أن هذه الدعوى ظهرت في نفس أيام علي-، فأجاب: «لا والذي فلق الحبة، وبرأ النَّسَمة، ما أعلمه إلا فهمًا يعطيه الله رجلا في القرآن، وما في هذه الصحيفة» -صحيفة الجَفْر أو غيرها عند الرافضة؟!-، قلت: «وما في الصحيفة؟» قال: «العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر»؛ أحكام ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم-، أحكام فقهية معروفة، يعرفها فقهاء الإسلام، ويبينونها ويتداولونها؛ فهل في هذه الصحيفة أن عليًا كان وليًا، أو كان خليفة بعد رسول الله - عليه الصلاة والسلام-؟! هل فيها أن حقه اغتصب أو غير ذلك؟!

وهذه الرواية أخرجها مسلم في «صحيحه» أيضًا من وجه آخر عن علي: « من زعم أن عندنا شيئا نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة - قال: وصحيفة معلقة في قراب سيفه - فقد كذب».

وروى ابن أبي داود في كتاب «المصاحف» بسند حسنه الحافظ ابن حجر، عن علي -رضي الله عنه- قال: «أعظم الناس في المصاحف أجراً: أبو بكر - رحمة الله على أبي بكر -، وهو أول من جمع كتاب الله».

وروى- أيضًا- بسند صححه الحافظ، عن علي قال: «لا تقولوا في عثمان إلا خيراً، فوالله ما فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا»، يعني: ما فعل ما فعل في المصاحف إلا ونحن شهود، ونحن نعلم ما يصنع، لم يكتم عنا شيئا.

هذا هو حاصل الرد على هذه الفرية، التي هي كفيلة بنقض مذهب الرافضة ودينهم، فهذا المذهب -إخوة الإسلام- من الشناعة بمكان، لو ذهبت إلى طفل من أطفال المسلمين، وقلت له: ما تقول في رجل يقول إن هذا القرآن الذي تحفظه في الكُتَّاب: ناقص؟ فإنه ينطق بلسان فطرته الإسلامية: كافر!!

فهل يشك أحد -من بعد ذلك- في كفر الرافضة وشرهم وخبثهم؟! ولكنها المصالح، والسياسة، والجهل، والغباء، والحماقة؛ نسأل الله السلامة والعافية من كل سوء.

يبقى لنا - إن شاء الله تعالى - بعض مظاهر الانحراف الأخرى عند الرافضة في القرآن، نتعرّض لها من بعد؛ ونسأل الله عز وجل أن يكفينا شر الفتن.

اللهم اكفنا شر الفتن، اللهم اكفنا شر الفتن، اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا، اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا، وانصرنا على عدوك وعدونا، اللهم ارفع الشر والفساد عنا يا رب العالمين، اللهم ارفع العداوة والبغضاء عنا يا رب العالمين. اللهم لا تمكن لأعدائنا فينا يا أرحم الراحمين. اللهم اكشف عنا شرهم وخبثهم ومكيدتهم يا أكرم الأكرمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم؛ وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

لتحميل الخطبة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا

   طباعة 
0 صوت