قال الرئيس: «إن عصيت الله؛ فلا طاعة لي عليكم» فما يقول دعاته من الخوارج؟!! الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون؛ وأشهد أن لا إله إلا الله، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة؛ صلِّى الله عليه وعلى آله وسلَّم. فقد ألقى الرئيس المنتخب «محمد مرسي» -وفَّقه الله- كلمة للشعب، بعد فوزه بمنصبه، قال فيها قَوْلَة الصديق أبي بكر -رضي الله عنه- عند استخلافه: «أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيته؛ فلا طاعة لي عليكم». يا لها من كلمة عظيمة جليلة، يجب على كل من يسترعيه اللهُ رعيةً أن يستحضرها، ويجعلها نُصْبَ عينيه، ويجاهد نفسه في العمل بها؛ فجزا اللهُ الرئيسَ خيرا على إيراده إياها، ونسأل الله أن يوفقه للعمل بها. والسؤال -الآن- موجَّه للخوارج الجدد، الذين تولَّوا كِبْرَ تأييده والدعوة إلى تنصيبه: كيف تفهمون هذه العبارة؟!! وكيف تعملون بها؟!! لقد عُرف عنكم -كخوارج (!!)- أنكم تفهمونها على نفي مطلق الطاعة، فإذا أتى الحاكم معصية، أو أمر بمعصية؛ نبذتم إمارته -جملة-، ونزعتم اليد من طاعته -جملة-، وحسَّنتم الخروج عليه؛ بل لم تتوانَوْا عنه -إذا قَدَرتم-!! فهل -يا تُرى- ستستمرون على ذلك مع حاكمكم الجديد؟!! ولست أفترض وهما لن يتحقق؛ بل المعصية آتية لا ريب فيها؛ فما أنتم صانعون؟!! وقد عرف القاصي والداني عَزْمَ الرئيس على تولية نُوَّابٍ له، فيهم امرأة (!!) ونصراني (!!!)؛ أفمعصيةٌ هذه أم طاعةٌ؟!! أين خلعكم له؟!! أين تبرؤكم منه؟!! أين خروجكم عليه؟!! أين شهادتكم عليه بالكفر -إذ لم يحكم بما أنزل الله-؟!! أم لا تزالون تؤمِّلون في تطبيق الملة، وتحكيم الشريعة؟!!! وأما نحن -أهلَ السنة والحق-؛ فلو كان مذهبنا من عند غير الله؛ لوجدتم فيه اختلافا كثيرا!! مذهبنا: أن معصية الحاكم لا تسوِّغ الخروج عليه ونَبْذَ إمارته، والطاعة المنفية إنما هي الطاعة في هذه المعصية -وحدها-، لا مطلق الطاعة، ومع ذلك؛ فإنكار المعصية حتمٌ لازمٌ -بحسب الإمكان-، من غير تشهير بنفس الحاكم، أو تهييج عليه. ومذهبنا: أن تحكيم الشريعة لا يكون بمخالفتها وتضييعها؛ بل بموافقتها وتَأْميرها على الأفراد والمعتقدات والأعمال والسلوكيات، ولم نشترط في الحاكم أن يطبقها -كما فعلتم-؛ لأننا نوقن باستحالة ذلك الآن -شرعا وقدرا-، وتخلف الرجل عن ذلك ليس كفرا -كما تعتقدون-، فلا يلزمنا نقض إمارته ولا الخروج عليه، وإنما هو لازم لكم!!! هذا هو مذهبنا، قد أخذناه عن الله والرسول والسلف؛ فأنتم عمَّن أخذتم؟!! وهو مذهبنا من قديم، في كل زمان ومكان، ومع كل حاكم أو أمير؛ فأنتم لماذا بدَّلتم؟!! ولأي شيء تحوَّلتم وتقلَّبتم؟!! إن هذه الأحداث من أعظم ما يظهر حقيقة الباطل وأهله، ويزيد في كشفها وافتضاحها، وقد بدأ حصول ذلك منذ بداية الفتن؛ ولكن الهوى يُعمِي ويُصِمُّ!! فهل يزول هذا الهوى بتعاقب الأحداث الجديدة؟! هل يمكن أن يصحو السكران، ويفيق الغافل، ويحيا قتيل التعصب؟! أسئلة سنتعرف على أجوبتها تباعا، والأيام حُبْلَى!! كتبه أبو حازم القاهري السلفي السبت/10/شعبان/1433 |