بسم الله الرحمن الرحيم
* يقول الأخ عبد الرحمن العربي:
هل تعتبر الإجازات التي تعطونها شهادة بأن الذي يحصل عليها قد صار أهلا للدعوة؟ وإذا لم تكن كذلك؛ فنرجو منكم توضيح المنهج العلمي الذي يجعله أهلا لذلك.
* قال أبو حازم -ألهمه الله رشده-:
الحمد لله.
أما الإجازات؛ فإنها -كما هو معلوم- ليست دليلا على الأهلية العلمية؛ لأنها مجرد اتصال بالأسانيد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أو من دونه من الأئمة، والرواية المجردة ليست علما -باتفاق العلماء-؛ لأن حقيقة العلم لا تحصل إلا بحصول الملكة التأصيلية، التي يتمكن بها الرجل من الاستنباط والبحث والتحرير، وهذا لا يوجد في الرواية المجردة.
وإنما شرعتُ في نظام الإجازات جريا على عادة العلماء في ذلك؛ فإنهم لم يزالوا يتسامحون في هذا الأمر، حتى كان أحدهم يجيز أهل عصره، فلم أُرِد مَنْعَ هذا الأمر جملة، لاسيما وأن فيه ترغيبًا للطلاب وشَحْذًا لهممهم، وفي نفس الوقت: فقد احتطت لما قد يحدث من تسرُّع بعضهم، وتنمُّرهم بهذه الإجازات؛ فاشترطت أن يكون المُجاز متقنا لمسائل ما سيُجاز فيه من المتون، حتى إذا غَرَّتْه نفسه، فتصدر لتدريس شيء من ذلك؛ كان عارفا به -على الأقل-.
وأما المنهج العلمي الذي أرتضيه لتخريج الطلاب وتأهيلهم؛ فخلاصته: أنه يكون في مرحلتين: مرحلة المختصرات، ومرحلة المطولات؛ وبالنسبة إليَّ شخصيا: يكون هذا في عِلْمَيِ العقيدة والحديث.
فأما المرحلة الأولى؛ فيدرس فيها الطالب عددا معينا من المختصرات، ويُمتحن في كل كتاب يدرسه، ثم يطالب ببحث جامع لما درسه، يؤهله للخوض في المطولات.
وأما المرحلة الثانية؛ فيكلف الطالب بجرد كتب معينة من المطولات -كحد أدنى-، وتُنظر قدرته على استيعاب المباحث واستنباط الفوائد، وتُختبر قدرته البحثية -من الناحية العملية-؛ فإذا ظهر نبوغه وتفوقه؛ شُهد له بالأهلية، وسُمح له بالتدريس والتصنيف -بحسب الإمكان-، مع استمرار المتابعة -بلا شك-.
وقد كان مشروع «المدرسة السلفية» يمثل المرحلة الأولى المذكورة؛ ولكن لم يقدَّر له الاستمرار، إلا أن الفكرة نفسها لا تزال قائمة -ولله الحمد-؛ ولهذا تم تنظيم مجالس المطولات، والجمع بينها وبين المجالس العامة، مع فتح باب التواصل لمن أراد المتابعة -كما هو مبيَّن في إعلان الدروس-.
نسأل الله أن يجعلنا أهلا لذلك كله، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يرزقنا الإخلاص والتوفيق. |