بصائر &nb"/>
إبحث في الموقع
البحث في
عدد الزوار
انت الزائر :542211
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0الزوار :
تفاصيل المتواجدون

بصائر في الفتن الأخيرة (الحلقة السادسة)

المقال
بصائر في الفتن الأخيرة (الحلقة السادسة)
5013 زائر
16/07/2013
أبو حازم القاهري السلفي

بصائر

في الفتن الأخيرة

(الحلقة السادسة)

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فإن من أعظم شبهات المخالفين -في الفتن الأخيرة-: استغلالهم لقضية الحرب على الإسلام، فيروِّجون أن خلع «مرسي» صورة لذلك، وكذا ما يحدث لـ«الإخوان» وأشياعهم من الملاحقة والتضييق.

ولا بد من كشف هذه الشبهة؛ لشدة ما تنطوي عليه من الإلباس، والتغرير بأهل الجهالة والعاطفة من الناس؛ لاسيما وأنها رُقْيَة التكفير والفساد في الأرض، فالقوم إنما يتوصلون بها إلى تكفير من شارك في خلع إمامهم -وعلى رأسهم الجيش-، فيمهدون السبيل -بذلك- إلى مقاومتهم وسَلِّ السيف عليهم -باسم الجهاد-!!

وكشف الشبهة المذكورة يحصل بثلاثة أوجه:

* الوجه الأول: أنه لا بد -ابتداء- من معرفة حقيقة «الإخوان» وأشياعهم، وأنهم لا يمثِّلون الإسلام الصحيح، الذي هو دين الله -سبحانه-.

وتفصيل ذلك لا يحتمله مقامنا هذا؛ فلْيُراجَع ما كُتِب في تفصيل حقيقة «الإخوان»، وبيان دينهم ومذهبهم؛ وبه يتبين أن القوم ليسوا على جادة التوحيد والسنة، وأن أكبر همِّهم: الوصول إلى الحكم، ولو بتضييع الدين، والتحالف مع أعدائه.

فالسلطات إنما تلاحق خوارج مفسدين في الأرض، يبتدعون بدعهم، ويكفِّرون من خالفهم فيها، ويستحلون دماءهم -بتنظيماتهم الشريرة، وتفجيراتهم واغتيالاتهم الحقيرة-.

وخلعُ حاكمهم -من الأصل- إنما كان خشيةً من التمكين لهذا المنهج الخبيث، مع ما عُرف من سوء إدارته، وتهديده لمصير البلاد، وتمكينه لأعداء الله الرافضة، الذين لا يبغون إلا القضاء على الإسلام وأهله([1]).

فلا بد من معرفة هذا -ابتداء-؛ حتى يُعرف الباعث الحقيقي على ما حدث، وأنه ليس عداوةً وبغضًا لدين الله -الذي هو دينه-.

ومن آيات ذلك: أن السلطات لم تتعقب جميع المنتسبين إلى ما يسمَّى «الإسلام السياسي»؛ بل لا يزال بعض أحزابهم مشاركا في العملية السياسية، ولا يزال المنتسبون إلى التدين -إجمالا- في عافية -ولله الحمد-؛ بل أبقى الرئيس المؤقت في «الإعلان الدستوري» على المادة المتعلقة بأهل السنة والجماعة([2])!!

* الوجه الثاني: أننا لا ننكر الحرب الإجمالية على الإسلام والتدين، ولا ننكر أن المنتسبين إلى الاستقامة والالتزام غير مرغوب فيهم -عموما-، وأنهم موصوفون بالتنطُّع والغلو وغير ذلك، لا يُستَثنَى من ذلك أهل الحق -أنفسهم-، وقد يأتي وقت نعاني فيه استضعافا عاما -لا قدَّر الله-؛ ولكن لا بد من النظر -في مقام التكفير، الذي يدندن حوله القوم- إلى قيام الحجة، واستيفاء الشروط، وانتفاء الموانع؛ كما هي جادة أهل السنة والحق.

فلا شك أن بُغْضَ شيء من الدين: كفر مجرد؛ ولكن ليس كل من وقع في الكفر صار كافرا، فلا بد من قيام الحجة على المعيَّن في أن هذا الذي أبغضه هو من دين الله -حقا-.

فالذي يبغض شيئا ندعو إليه من الدين؛ إنما يبغضه لظنه أننا نتنطَّع فيه، وأنه ليس من دين الله -أصلا-؛ فإذا قلنا -مثلا-: إعفاء اللحية واجب؛ قال: هذا تنطُّع؛ لأن العالم الفلاني يقول: هو مستحب، أو سنةُ عادة؛ ولأن هناك خلافا أصوليا في دلالة الأمر؛ إلى غير ذلك من الشبهات والتلبيسات؛ فلم يخرج الأمر -عنده- عن دائرة الإسلام؛ بل هو متمسك به، محبٌّ لدين الله، معظِّم له؛ولكنه يظن أننا نخالفه، فيبغضنا لذلك؛ كما نبغض -نحن- أهل البدع -مع انتسابهم إلى الدين-؛ ليقيننا بمخالفتهم له.

وقد يكون في الأمر شهوة وهوى -كما هو شأن العصاة-، فيكون الرجل عارفا بأن اللحية -مثلا- من الدين، وأن إعفاءها واجب؛ ولكن يشق عليه الانقياد لذلك؛ اتباعا لشهوته وهواه، وقد يقول لنا: أنتم متنطِّعون! يريد: لستم عليَّ بوكلاء؛ خلُّوني وربي! فهذه الكراهية ليست لنفس الدين وأحكامه، وإنما هي شهوة المعصية، وسلطان الهوى؛ كشأن عامة العصاة.

وعليه؛ فلو قُدِّر وقوع استضعاف عام للمتدينين -نسأل الله السلامة-؛ فلا بد من إعمال ما تقدم -في شأن التكفير خاصة-، وإن كان هذا يحقق أهداف الكفار؛ فإن منها: «أن يصبح كل عربي ومسلم مجردا من السلاح، وحليق الوجه، وغير متدين، ومسالما لأمريكا، ولا يغطي وجه امرأة»([3])؛ ولكنهم يسعون لذلك نكاية في دين الله -الذي هو دينه-، وأما من يوافقهم من جُهَّال المسلمين؛ فعندهم شبهات وأهواء تعصمهم من الكفر.

واعتبر هذا بقتال الكفار والمسلمين لـ«تنظيم القاعدة»؛ فإن الكفار يقاتلونه بغضا للإسلام، والمسلمين يقاتلونه دفعا لشره وفساده؛ فهل يستويان مثلا؟!

فتدبر هذا الوجه؛ فإنه من أعظم ما يكشف شبهة التكفير، ويرد باطل أهله؛ وله تأصيل أبسط من هذا، لا يحتمله المقام؛ وبالله التوفيق.

* الوجه الثالث: أننا لو سلَّمنا بتكفير الجيش؛ فإن ما يدعو إليه القوم من «جهاده» (!!) لا بد له من قدرة وإعداد؛ فأين هما؟! وأين القوم من واقع النبي -صلى الله عليه وسلم- في عهد الاستضعاف؟! أم تراهم سيواجهون الجيش كما يواجهون اليهود في فلسطين؟!

ليس ذا بمُستَغرَب؛ فإنهم يعدُّون عبثهم مع اليهود جهادا شرعيا، ولا يلتفتون إلى قواعد الشريعة وأحكامها في باب الجهاد؛ بل يزيدون -ضِغْثًا على إِبَّالَة!!- بعملياتهم الانتحارية -التي يسمونها زورا «استشهادية»-؛ فهل يتكرر هذا الواقع في مصر؟! وهل نعاين نسخة مكررة من تجربة الجزائر وسوريا؟!

إننا نسأل الله مسألة المستغيث، وندعوه دعاء المضطر؛ أن يعافينا من ذلك، وأن يفرِّج عن إخواننا المنكوبين -في كل مكان-، وأن ينتقم من كل من يريد ببلاد الإسلام سوءا؛ والرجاء بالله كبير، والأمل في رحمته وفضله عظيم؛ فاللهم لا تخيب فيك رجاءنا، ولا تسلط علينا -بذنوبنا- عقابا لا نطيقه؛ إنك وليُّنا ومولانا، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

هذا آخر ما أردتُ الكلام عليه من المسائل المطروحة في الفتن الأخيرة، وإن جَدَّ مزيدٌ؛ فلكل حادثة حديث، ولكل مقام مقال؛ والله المستعان.

وصلَّى الله على نبينا محمد وآله وسلَّم.

كتبه

أبو حازم القاهري السلفي

الثلاثاء 7/رمضان/1434



[1])) ليس هذا إقرارا لما وقع، وإنما هو بيانٌ لسببه، من أنه لم يكن حربا على الإسلام -الذي هو دين الله-.

[2])) وإن كانت لا تؤدي إلى تحكيم الشريعة -كما بيَّنته في مقالي: «شبهة حول الدستور»-، وإنما المقصود الرد على «الإخوان» فيما يدَّعونه من الحرب على الإسلام.

[3])) قاله طاغوت الأمريكان بوش الابن -لعنه الله- في خطاب ألقاه أمام «الكونجرس» في 29/1/2003 -بواسطة: «الوثائق التآمرية» للشيخ محمد الإمام-.

لتحميل المقالة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا

   طباعة 
0 صوت